قضيتين موجبة دالة على انتشار الحرمة بما ذكر فيه من التقدير وسالبة دالة على عدم الانتشار عند عدم تحقق ذلك التقدير فيقع بينها التنافي والتعارض.
وأما ما قيل في التفصي فوجوه منها أن التنافي بينها إنما يلزم إذا لم تكن بين التقادير ملازمة وعدم الملازمة غير معلوم ومعه لا علم بالتنافي ولازم هذا الوجه هو الحكم بنشر الحرمة عن حصول أحد الحدود، وفيه أن الانفكاك بين التقدير بالزمان والعدد في غاية الظهور، ويمكن الانفكاك أحيانا بين التقدير بإحدهما والتقدير بالأثر لامكان أن لا يحصل بشئ من الإرضاع في يوم وليلة وخمس عشرة رضعة الأثر أعني نبات اللحم وشد العظم لأجل وجود مانع من حصوله بأن كان المرتضع مريضا.
ومنها ما عن الفاضل الهندي من أن التنافي بين الأخبار إنما يلزم لو كان التقديرات في عرض واحد وليست كذلك بل التقدير بالأثر هو الأصل وإنما جعل التقديران الآخران طريقا إليه، ويؤيده بل يدل عليه قوله عليه السلام في صحيحة علي ابن رئاب المتقدمة في جواب قول السائل يحرم عشر رضعات لا لأنها لا تنبت اللحم و لا تشد العظم، ولازم هذا الوجه انتشار الحرمة بالارتضاع في يوم وليلة وبخمس عشرة رضعة فيما إذا احتمل حصول الأثر بهما لا مع العلم بعدم حصوله.
ويمكن إن يقال: ما ذكر في الاشكال من التنافي بين التقادير على وجه يدور مدارها وجودا وعدما والانحلال إلى قضيتين - الخ، ممنوع فإن التقدير بإنبات اللحم وشد العظم أو إنبات اللحم والدم كما في بعض الأخبار فيه الحصر حيث قال عليه السلام على المحكي " لا يحرم من الرضاع إلا ما اشتد عليه العظم وأنبت اللحم في حسنة ابن أبي عمير (1). وأما التقديران الآخران فلا حصر فيهما معا فلاحظ موثقة زياد بن سوقة حيث قال عليه السلام على المحكي " لا يحرم الرضاع أقل من رضاع ليوم وليلة أو خمس عشرة رضعة " (2) فلو اتفق رضاع يوم وليلة ولم تكمل خمس عشرة رضعة نشر الحرمة ولو اتفق خمس عشرة رضعة ولم يكمل رضاع يوم وليلة نشرت الحرمة وبعد كونهما طريقين إلى