وبهذا الخبر استدل العلامة في التذكرة على أن لبن الأحبال لا حرمة له، وقد يحمل رواية يونس على ما إذا در اللبن لا عن حمل، ويقال في جواب من يتوهم أنه لا وجه لهذا الحمل مع كون الرواية أخص بل لا بد من تخصيص المطلقات أن الصحيحتين المتقدمتين حيث تكونان في مقام التفسير والبيان تكونان كالنص الصريح في الإطلاق فلا محيص عن الأخذ باطلاقهما بماله من الحدود والقيود إلا فيما قام دليل قطعي على الخلاف كما في المملوكة والمحللة حيث لا خلاف في شمول الوطي الصحيح للوطي بملك اليمين والتحليل أيضا مع عدم صدق لبن فحلها ولبن امرأتك.
ويمكن أن يقال: الصحيحتان ليستا كذلك ألا ترى أن ظاهرهما كفاية مجرد الإرضاع بدون تعيين الكمية والمقدار مع اعتبار الكمية بحسب الأدلة، ثم إنه لا إشكال في نشر الحرمة بالارتضاع من المملوكة والمحللة، وإنما الإشكال في الوطي بالشبهة من جهة عدم شمول الصحيحتين مع أن المشهور إلحاقه بالوطي الصحيح ولعل نظرهم إلى المطلقات فمع الإشكال في إطلاقها من جهة عدم كونها في مقام البيان يشكل نشر الحرمة إلا أن يدل دليل على ترتب جميع ما يترتب على الوطي الصحيح على الوطي بالشبهة.
ثم إنه هل يعتبر في انتشار الحرمة شرب اللبن على نحو الامتصاص من الثدي أو لا؟ قولان قد يقوي الأول لاختصاص الارتضاع عرفا ولغة به وعدم صدقه على الشرب بالوجور (1) ولا أقل من الشك فيرجع إلى أصل، وقيل: بالاكتفاء بالوجور وشرب المحلوب منه ولعله إما لدعوى صدق الارتضاع وإما لدعوى تنقيح المناط وإن علة الموجبة للتحريم هي إنبات اللحم وشد العظم كما يظهر من غير واحد من الأخبار وأما لصريح المرسل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " وجور الصبي اللبن بمنزلة الرضاع " (2).
واستشكل بمنع صدق الارتضاع، وعلى فرض التسليم لا يجدي مع الانصراف