الملبوس على ما بعد النسج فيكون حاله حال المأكول في عدم الجواز ويقرب هذا أنه لا يقال للثوب المنسوج من القطن إنه قطن كما لا يقال للخبز أنه حنطة، والجمع بين ما دل على استثناء القطن والكتان وما دل على الجواز بالحمل على الكراهة والجواز، ولعل هذا الجمع أقرب مما ذكر، وأما جواز السجود في صورة منع الحر على الثوب فلعله لا خلاف فيه ويدل عليه خبر أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال:
قلت له: (أكون في السفر فحضرت الصلاة وأخاف الرمضاء على وجهي كيف أصنع؟
قال: تسجد على بعض ثوبك، فقلت: ليس على ثوب يمكنني أن أسجد على طرفه ولا ذيله؟ قال عليه السلام: اسجد على ظهر كفك فإنها أحد المساجد) (1) وأخبار أخر ولا يخفى أن مقتضى ظواهر الأخبار المذكورة في هذا المقام جواز السجدة بمجرد عدم الميسورية بالنسبة إلى الحالة الفعلية ألا ترى أن السائل في هذا الخبر لاحظ حضور الصلاة وخوف الرمضاء على الوجه مع أنه لو أخر الصلاة إلى آخر الوقت لتمكن من السجدة على الأرض ولا أظن أن يلتزم الفقهاء رضوان الله عليهم به ألا ترى أنهم يتمسكون بقاعدة الميسور ومجرد تعسر الفعل في بعض وقته مع اتساع الوقت والتمكن من إتيان الفعل تام الأجزاء والشرائط ليس من موارد القاعدة، نعم في مقام التقية الأمر أوسع ما ذكر، وكيف كان ظاهر خبر أبي بصير المذكور تقدم السجدة على الثوب على السجدة على ظهر الكف والأخبار الأخر لا يظهر منا تعين السجدة على خصوص الثوب بل يستفاد نفي البأس وحيث لا معارضة بينها وبين خبر أبي بصير يتعين الأخذ بظاهره وتقديم السجدة على الثوب، وقد يقال بتقديم القطن والكتان على الثوب لصحيحة منصور بن حازم عن غير واحد من أصحابنا قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: (إنا نكون بأرض باردة يكون فيها الثلج أفنسجد عليه؟ قال: لا ولكن اجعل بينك وبينه شيئا قطنا أو كتانا) (2) بتقييد هذه الصحيحة للمطلقات ولكن لا يخفى أن هذه الصحيحة لم يفرض فيها حال الضرورة فيكون من الأخبار المجوزة للسجدة على القطن والكتان في حال الاختيار وقد مر الكلام فيه والانصاف أنه مع قطع النظر عن هذا أيضا يبعد