الفرد والمجتمع. إن الانتصارات العظيمة التي أحرزها الرجال الأفذاذ في العالم، والترقيات العلمية والاجتماعية والاقتصادية التي حصلوا عليها، مدينة إلى وعي المسؤولية الفردية من قبلهم وما يستتبع ذلك من نشاط دائب وجهد متواصل.
إن الانتصارات العلمية إنما تنال الأشخاص الذين يطمئنون إلى أنفسهم بالمواصلة والسهر والجد والجهد. والطالب الذي لم يدرس جيدا، ولم يجهد نفسه بالمقدار الكافي ، ثم يدخل قاعة الامتحان معتمدا على الآخرين، ومستندا على مساعدة المصحح، وتسامح المراقب لا ينال المدارج العلمية الراقية.
وهكذا فالتقدم الاقتصادي يكون من حصة أولئك الذين يعتمدون على جهودهم فقط، ولا يتوقعون المساعدة من أحد. إن من يفقد الاعتماد على النفس ويكون عالة على غيره، ويرتزق من حصيلة غيره لا يستطيع أن ينال التقدم الاقتصادي مطلقا.
«الاعتماد على النفس أساس كل تقدم وترق. فإن اتصف أكثر أفراد الشعب بهذه الفضيلة كان ذلك الشعب قويا وعظيما، وكان السر في إرتقائه وتقدمه وقدرته هو تلك الخصلة فقط. لأنه في هذه الصورة يكون عزم الإنسان قويا، وفي صورة الاعتماد على الآخرين ضعيفا. إن المساعدات التي تصل الفرد من الخارج تضعف فيه روح المثابرة والعمل غالبا، لأن الإنسان في هذه الآلة لا يرى داعيا للجد والعمل خصوصا عندما تتجاوز المساعدات الخارجية عن الحد الضروري...
حينئذ تفقد الأعصاب قوتها، وتموت روح العزيمة والمثابرة في نفسه. إن أحسن الشرائع والقوانين، هي تلك التي تجعل الانسان مختارا في حياته، وتمنحه الحرية في الاعتماد على نفسه وإدارة حياته» (1).