صفات الآباء في الجاهلية إلى الأبناء في الإسلام.
قد يعمل قانون الوراثة في ظروف خاصة وأوضاع مجهولة على إحداث اختلافات شديدة من الناحية العقلية والنفسية والعصبية بين أطفال أسرة واحدة، وبعبارة أخرى فإن أبا وأما ينجبان على طول الفترة الزوجية عدة أطفال يختلفون فيما بينهم اختلافات بينة في ذكائه وعقلهم وحالاتهم النفسية والعصبية.
«إن الأطفال الذين يولدون لأبوين واحدين وينشأون معا وبطريقة واحدة يختلفون اختلافا ظاهرا من حيث الشكل والقوام والتكوين العصبي والاستعداد العقلي والصفات الأدبية. ومن الواضح ان هذه الاختلافات لا يرجع أصلها إلى الأسلاف... وتتصرف الحيوانات بطريقة مماثلة، ولنضرب لذلك مثلا بكلاب صغيرة جدا من فصيلة حراس الأغنام... ان كلا من الكلاب التسعة أو العشرة يبدي صفات واضحة فبعضها يفزع من الضوضاء المفاجئة، أو طلقة مسدس، ويكون رد فعله لذلك أن ينكمش على الأرض، في حين يكون رد الفعل مغايرا في فريق آخر منها فيقف على مؤخريه أو يتقدم نحو مصدر الصوت. وقد ينتهز فريق ثالث الفرصة فينصرف إلى الرضاعة من ثدي أمه، وقد يستسلم بعضها لدفع إخوتها إياها بعيدا عن أمها. وثم فريق آخر يبتعد عن أمه ليستكشف المنطقة المجاورة لبيته في حين يبقى معها آخرون. وقد يزمجر بعض هذه الكلاب الصغيرة إذا لمسها أحد.
وفي حين يظل البعض صامتا... فحينما تنشأ الكلاب معا في أحوال متماثلة إلى أن تكبر، فإن صفاتها لا تتغير بالنمو، إذ تظل الكلاب الخجولة والجبانة خجولة وجبانة طوال حياتها. أما الشجاعة النشيطة فقد تفقد هذه الصفات أحيانا حينما تتقدم في السن ولكنها تكون عادة أكثر جرأة ونشاطا» (1).