وقوله عليه السلام: "... فقولوا إنا نشفع برسول الله " رواه ابن حنبل في (المسند 2 / 184). هذا ويؤكد الرسول صلى الله عليه وسلم الشفاعة لغيره أيضا فيقول: " ادعوا الشهداء فليشفعوا لمن أرادوا " رواه ابن حنبل (1 / 5) (73).
إن الاستشفاع الذي عليه المسلمون خلفا عن سلف إنما هو على قسمين:
أحدهما، أن يقدموا النبي أو الولي الوجيه عند الله أمام طلب الحاجة، بأن يقسم على الله به وبحقه في الفضل والإيمان والطاعة لله، كما جاء في حديث ابن عمر في توسل آدم وما روي: من أن النبي (ص) علم الضرير التوجه إلى الله به (ص) وأن يطلب من الله أن يشفعه فيه، كما أسنده أحمد عن عثمان بن حنيف، وكذا ابن ماجة والترمذي وصححه، وكذا الحاكم في مستدركه والسيوطي في جامعه، وكما رواه البخاري من استسقاء عمر بالعباس وتوسله إلى الله به.
وثانيهما، أن من له حاجة إلى الله يطلب من النبي (ص) أن يسأل الله قضاءها ويرجو منه أن يشاركه في الدعاء إلى الله، ومسألة تلك الحاجة منه جل وعلا، يفعل ذلك السائل اعتمادا على وجاهة الشفيع عند الله وقربة من الله تعالى. وأن المسلم الذي يؤدي الشهادتين مخلصا هو الذي أذن الله لنبيه بالشفاعة له. كما دلت عليه روايات البخاري والترمذي وابن ماجة وكذا روايتا الحارث ابن قيس وأبي سعيد عنه صلى الله عليه وآله وسلم.
هذا هو ما عند المسلمين في التوسل والاستشفاع لا غيره، وقد جاء به الكتاب والسنة، ومن نسب غير ذلك إليهم فقد افترى عليهم، إما جهلا بما عليه المسلمون من توسلهم واستشفاعهم اعتمادا على الكتاب والسنة، وإما عنادا لرسول الله وأوليائه في بقاء كرامتهم في الإسلام ولياقتهم للاستشفاع بأحد القسمين المذكورين، وإما تمويها وتلبيسا على بعض العوام للاستعانة بهم