لشئ عجاب) * (سورة ص، الآية 5). ومنهم من كان يعتقد بأن معبوده له التدبير الفعلي المستقل، لذلك عبده وطلب منه ورجاه. ومنهم من كان يعلم بأن معبوده مخلوق لله، لكنه مستقل الفعل يمكنه أن يرزق أو يضر وينفع لذلك توجه له بالعبادة.
والذي يتأمل في الآيات التي نزلت في المشركين مثل قوله تعالى: * (إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون) * (الصافات، الآية 35) أو قوله سبحانه: * (الذين يجعلون مع الله إلها آخر فسوف يعلمون) * (الحجر، الآية 96). يعلم أن وصفهم بالمشركين يرجع لكونهم يعتقدون أن أصنامهم وأوثانهم آلهة من دون الله، لها وجود مستقل وتستحق العبادة والخضوع وتقديم الطاعات المختلفة. لأنها تضر وتنفع وترزق، وتملك الشفاعة. لذلك جاءت الآيات القرآنية لتنفي هذه الاعتقادات والإيمان الخاطئ في هذه المعبودات المختلفة. يقول تعالى مخاطبا المشركين: * (إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا) * (العنكبوت، الآية 17).
ويقول سبحانه: * (فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا) * (الإسراء، الآية 56).
ويقول في نفي الشفاعة عن آلهتهم المزعومة: * (لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمان عهدا) * (مريم، الآية 87).
وهناك نوع آخر من الشرك ذكره القرآن وهو يصف أهل الكتاب. وهو الاعتقاد بأن الله قد فوض لبعض الرهبان أو الأحبار مهمة التشريع. فكان أتباعهم يتعبدون بهذه التشريعات ويعتمدونها في الحلال والحرام. قال تعالى:
* (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون) * (التوبة، الآية 31) وجاء في الحديث إنهم لم يصوموا لهم ولا صلوا لهم ولكن أحلو لهم الحرام وحرموا لهم الحلال فاتبعوهم.