التشفع أو الاستغاثة أو التوجه، لأن التوجه من الجاه، وهو علو المنزلة، وقد يتوسل بذي الجاه إلى من هو أعلى منه جاها، والاستغاثة طلب الغوث والمستغيث يطلب من المستغاث به أن يحصل له الغوث من غيره وإن كان أعلى منه فالتوجه والاستغاثة به صلى الله عليه وسلم وبغيره ليس لهما معنى في قلوب المسلمين غير ذلك ولا يقصد بهما أحد منهم سواه، فمن لم ينشرح صدره لذلك فليبك على نفسه (62).
والذي يراجع سيرة السلف من الصحابة والتابعين يجدهم يتوسلون بدعائه عليه السلام في حياته وبعد مماته ولا يفرقون بين ذلك. قال الحافظ أبو عبد الله محمد بن موسى بن النعمان في كتابه " مصباح الظلام " إن الحافظ أبا سعيد السمعاني ذكر فيما روينا عنه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قدم علينا أعرابي بعد ما دفنا رسول الله (ص) بثلاثة أيام، فرمى بنفسه على قبر النبي (ص)، وحثا من ترابه على رأسه، وقال: يا رسول الله قلت فسمعنا قولك، ووعيت عن الله سبحانه ما وعينا عنك، وكان فيما أنزل عليك، * (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله...) * الآية، وقد ظلمت، وجئتك تستغفر لي فنودي من القبر أنه قد غفر لك. انتهى (63).
وقال أبو عبد الله محمد بن الحسين السامري الحنبلي في المستوعب " باب زيارة قبر النبي (ص) " وذكر آداب الزيارة، وقال: ثم يأتي حائط القبر فيقف ناحيته ويجعل القبر تلقاء وجهه، والقبلة خلف ظهره، والمنبر عن يساره، وذكر كيفية السلام والدعاء.
منه: اللهم إنك قلت في كتابك لنبيك مستغفرا، فأسألك أن توجب لي المغفرة كما أوجبتها لمن أتاه في حياته، اللهم إني أتوجه إليك بنبيك (ص)