على ما حرمه الله من دماء المسلمين وأعراضهم وأموالهم (74).
وأما شبهتهم في المنع من النداء، فقالوا: إن النداء والخطاب للجمادات والغائبين والأموات من الشرك الأكبر الذي يباح به الدم والمال، ولا مستند لهم في ذلك، بل الأحاديث الصحيحة الصريحة في بطلان قولهم هذا، وزعموا أن النداء للأموات والغائبين والجمادات يسمى دعاء وإن الدعاء عبادة، بل الدعاء مخ العبادة، وحملوا كثيرا من الآيات القرآنية التي نزلت في المشركين على الموحدين...
وهذا كله منهم تلبيس في الدين وتضليل لأكثر الموحدين، فإنه وإن كان النداء قد يسمى دعاء كما في قوله تعالى * (لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا) * لكن ليس كل نداء عبادة، ولو كان كل نداء عبادة لشمل ذلك نداء الأحياء والأموات. فيكون كل نداء ممنوعا مطلقا، وليس الأمر كذلك. وأنما النداء الذي يكون عبادة هو نداء من يعتقدون ألوهيته واستحقاقه العبادة، فيرغبون إليه ويخضعون بين يديه. فالذي يوقع في الإشراك هو اعتقاد ألوهية غير الله تعالى واعتقاد التأثير لغير الله تعالى، أما مجرد النداء لمن لا يعتقدون ألوهيته ولا تأثيره فإنه ليس عبادة، ولو كان لميت أو غائب أو جماد، وذلك وارد في كثير من الأحاديث الصحيحة والآثار الصريحة.
والأحاديث الواردة عن النبي (ص) في زيارة القبور في كثير منها النداء والخطاب للأموات كقوله: " السلام عليكم أهل القبور، السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ". وهي أحاديث كثيرة لا حاجة إلى الإطالة بذكرها، وقد تقدم أن السلف والخلف من أهل المذاهب الأربعة استحبوا للزائر أن يقول تجاه القبر الشريف يا رسول الله إني جئتك