التي تستحق الأفضلية وتنسب إلى الخيرية.
أما الجمهور فيرون أن الخيرية ثابتة لأفراد هذه القرون الثلاث جميعا، على اختلاف درجاتهم وتفاوتهم في الصلاح والاستقامة. وذهب ابن عبد البر إلى أنها ثابتة لمجموع المسلمين في تلك العصور الثلاث، أما الأفراد فقد لا تنطبق الخيرية على بعضهم، بل قد يأتي فيمن بعدهم من هو أفضل منهم (12).
وعليه فقد تبين من خلال هذه التعاريف أن عصر الرسول أو قرنه والقرنين اللذين تلياه، هي أفضل القرون في تاريخ الإسلام والمسلمين (13).
وإن الخيرية قد استوعبت مجموعهم إما أفراد أو مجموعات. وهذه النتيجة هي التي اعتمدها الخلف الذين جاؤوا بعد هذه القرون الثلاث، حيث تم تقديس هذه المرحلة الزمنية واحترم أصحابها واعتبروا سلف هذه الأمة الصالح الذين يجب علينا اتباعهم واقتفاء أثرهم حذو النعل بالنعل.
على أن مفهوم " السلف " - وإلى حدود القرن الرابع الهجري - لم يكن له سمات واضحة، جلية ومحددة في العقائد والسلوك، من التزم بها نسب إلى السلف. وإنما ارتبط مفهوم السلف وازداد استخدامه والإشارة إليه عندما بدأت معالم الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والدينية تتغير عما عرف أو كان عليه مجتمع الرسول وصحابته.
لقد انطلق العرب المسلمون من الجزيرة العربية مبشرين بالإسلام وفاتحين الدول، حيث تم القضاء على إمبراطوريتين عريقتين في الحضارة والتمدن، وقد انتقل إرثهما الكامل لهؤلاء الفاتحين اللذين لم يتطبعوا بمدنية من قبل وإنما كان سكن أغلبهم الخيام، وأكلهم التمر ولحوم الإبل. فما كاد القرن الأول يلفظ أنفاسه الأخيرة حتى أصبح العرب الفاتحون، الزعماء الجدد لعدد كبير من المجتمعات والقوميات المختلفة الأعراف والأديان، فكان إن بدأ التغير ينساب