بسرعة إلى حياة ذلك العربي المؤمن، البسيط في لباسه وسكنه ومعيشته.
فظهرت معالم التحول واضحة في المدن الجديدة التي اختارتها القيادات الإسلامية والعربية لتكون حواضر المدنية الجديدة.
لقد بدا هذا التحول الشامل وكأنه انسلاخ عما ألفه العرب المسلمون الأوائل من أساليب الحياة، والتي ربط البعض بينها وبين تعاليم الدين الجديد، فشكل اللباس وطريقة الأكل والمسكن التي كان عليها الرسول وأصحابه الأول، بدأت تنحصر وتتراجع لتنسخها طرق وأساليب حياة جديدة ومختلفة، مستوحاة من طرائق الحياة لدى الأمم المفتوحة، والتي اعتنق أغلب سكانها الإسلام. وأصبحوا مع مناطقهم الجغرافية يشكلون المجتمع الإسلامي الكبير.
لقد انطلقت منذ ذاك الحين دعوات ونداءات من طرف بعض الناس، تنبه لهذا التحول وتحذر منه، وتدعو للرجوع إلى ما كان عليه الرسول ومجتمع الصحابة الأول.
فأمام حركة الترف والتنعم بملذات الدنيا وخيراتها، من امتلاك للمزارع الكبيرة، وبناء الدور والقصور الفخمة، واقتناء الجواري والعبيد والخدم والحشم الخ.. ظهر تيار مناهض لهذه المظاهر وندد بها، داعيا للتقشف والزهد في الحياة الدنيا. على أن ذلك من صميم الدين وسيرة السلف الصالح، وهناك محاورة بين الإمام الصادق وسفيان الثوري وكلاهما ينتسب لعصر التابعين، تظهر لنا عدم تقبل الكثير من الملتزمين بالدين الجديد - خصوصا من العرب - بعض العادات الجديدة في الملبس والمأكل والمسكن. فقد دخل سفيان الثوري على الإمام الصادق عليه السلام وكان عليه جبة خز دكناء، قال سفيان:
فجعلت أنظر إليها متعجبا. فقال لي: يا ثوري. ما لك تنظر إلينا، لعلك مما رأيت؟ قال فقلت: يا بن رسول الله ليس هذا من لباسك ولا لباس آبائك.
فقال لي: يا ثوري، كان ذلك الزمان مقفرا مقترا، ثم حسر عن ردن جبته وإذا