علماء الرسوم في ذلك لما رأوه من انكبابهم على حطام الدنيا وهم في غني عنه وحب الجاه والرياسة وتمشية أغراض الملوك فيما لا يجوز وبقي العلماء بالله تحت ذل العجز والحصر معهم، كرسول كذبه قومه وما آمن به واحد منهم ولم يزل رسول الله (ص) يحرس حتى نزل * (والله يعصمك من الناس) *. فانظر ما يقاسيه في نفسه العالم بالله، فسبحان من أعمى بصائرهم حيث أسلموا سلموا وآمنوا بما به كفروا، فالله يجعلنا ممن عرف الرجال بالحق لا ممن عرف الحق بالرجال (90).
أما قول ابن تيمية " لما كانت أحوال هؤلاء شيطانية كانوا مناقضين للرسل " فإن كلام الشيخ الأكبر في فتوحاته ينسخه بل يمحوه ويعلو عليه يقول:
* (الداعي إلى الله لا يزيد على ما جاء به رسول الله (ص) من الأخبار بالأمور المغيبة إلا أن أطلعه الله على شئ من الغيب مما علمه الله فله أن يدعو به مما لا يكون مزيلا لما قرره الشرع بالتواتر عندنا (91) وبذلك يثبت الشيخ الأكبر تهافت آراء ابن تيمية وسطحيتها بل مخالفتها ومناقضتها لواقع النصوص كما هي موجودة في كتب أصحابها. والغريب في الأمر أن أتباع ابن تيمية اليوم " سلفية الوهابية " ينهجون نهج إمامهم في تزوير الحقائق وتحريف النصوص، مثال ذلك ما كتبه محمد حامد الفقي على هامش تحقيقه لكتاب مدارج السالكين لابن قيم الجوزية في النسخة المطبوعة في دار الكتاب العربي بيروت عام 1972، يقول في هامش الصفحة رقم (60) من الجزء الأول ما يلي: قال ابن عربي شيخ الصوفية الناطق بلسانهم:
العبد رب والرب عبد * يا ليت شعري من المكلف إن قلت عبد فذاك رب * أو قلت رب أنى يكلف وهذان البيتان موجودان في أربعة كتب من كتب الشيخ الأكبر ابن العربي