الغزالي الفلاسفة في ثلاث مسائل! إحداها القول بقدم العالم. وجل الباحثين ومنهم الدكتور نفسه يجدون إقرارا صريحا من الشيخ ودفاعا عن هذه الفكرة وعن أصحابها، لكنه ولهذا السبب كما يقول: لن نجنح إلى تكفير ابن تيمية ولا إلى تضليله. بل انطلقنا إلى النظر في ذلك من تحكيم القواعد الشرعية ذاتها. فلقد لاحظنا الأمر ذاته الذي لاحظناه في كتب الشيخ ابن عربي رحمه الله. إذ رأينا لابن تيمية كلاما آخر في أكثر من موضع يناقض كلامه الباطل الذي أيد فيه الفلاسفة في ظلالهم الذي كان من أسباب كفرهم، بحيث لو أردنا أن نرد على ابن تيمية هذا الباطل الذي تورط فيه، لما وجدنا كلاما نرد به عليه خيرا من كلام ابن تيمية ذاته الذي كرره في عدة مناسبات أخرى (78).
إن دفاع الدكتور عن الشيخ الحراني، لا يرجح كفته ولا يضعه في مرتبة ابن عربي، وذلك لعدة اعتبارات ذكرنا بعضها سابقا وهي أن أتباع ابن عربي وغيرهم يشككون في نسبة الكثير مما ورد مخالفا لعقيدة الإسلام في كتب الشيخ الصوفي، ويرجحون أنه من وضع الزنادقة بالإضافة إلى احتمائهم بالتأويل، أي صرف ظواهر كلام الشيخ الصوفي عن لازمها اللغوي القريب لجعلها تتقارب مفهوما مع ما أتفق عليه من عقائد الإسلام.
وهناك ملاحظة مهمة يمكن أن تكون فيصلا بين موقف الشيخين. وتتمثل في أن ابن عربي لم يكن داعيا لما يكتب أو يقول، كما أنه لم يقل إن ما رآه أو كشف له عنه في تجربته الروحية هو ما يجب أن يعتقده المسلمون عامة وخاصة، وأن من لم يرى ذلك فهو ضال مبتدع كافر! بخلاف الشيخ ابن تيمية الذي جزم وفصل وادعى أن ما يراه وما يقوله هو الحق الذي لا يحيد عنه إلا منحرف، وأن على العوام معرفة ذلك واعتقاده. وقد فعل الشيخ ذلك من على منبر الجامع بدمشق كما حرر عدة مجلدات أثناء سجنه دفاعا عن