الباطن، لا شعائر ظاهرية، فما جدوى قيامك وقعودك في الصلاة إذا كنت مشغول القلب بغير الله؟! مدح الله تعالى أقواما بقوله تعالى * (الذين هم في صلاتهم خاشعون) *، وذم أقواما بقوله: * (الذين هم عن صلاتهم ساهون) *.
وهذا هو الذي يعنيه ابن عربي بقوله إن التعبد محرابه القلب أي الباطن لا الظاهر...
الصوفي الحق ليس هو الذي يستجدي قوته ويتكفف الناس، إنما هو الصادق الذي يهب روحه وقلبه، ويغني في الله بطاعة الله، ومن هنا تنبع قوته، فلا يخاف غير الله.
ولعل ابن عربي قد أثار عليه بعض الفقهاء لأنه أزرى على اهتمامهم بالجدل في العقائد، مما يشوش على صفاء القلب، ثم في وقوع الفقه وافتراضاته فأسماهم (فقهاء الحيض) وأعيذك بالله أن تكون منهم ألم تقرأ قول ابن عربي (من يبني إيمانه بالبراهين والاستدلالات فقط لا يمكن الوثوق بإيمانه، فهو يتأثر بالاعتراضات، فاليقين لا يستنبط بأدلة العقل إنما يعترف من أعماق القلب). ألم تقرأ هذا الكلام الصافي العذب قط؟!.
قال ابن تيمية: أحسنت والله إن كان صاحبك كما تقول فهو أبعد الناس عن الكفر، ولكن كلامه لا يحمل على هذه المعاني فيما أرى.
قال ابن عطاء الله: إن له لغة خاصة، وهي مليئة بالإشارات والرموز والإيحاءات والأسرار والشطحات.
ولكن فلنشتغل بما هو أجدي، وبما يحقق مصلحة الأمة فلنشتغل بدفع الظلم، وحماية العدل المنتهك، أرأيت ما فعله بيبرس وسلار بالرعية منذ خلع الناصر نفسه، فانفرد بالحكم، وإن عاد السلطان الناصر وهو يؤثرك على كل الفقهاء، ويستمع لك فاسرع إليه وانصح له (76).