أدرى به وبتفاصيله منه، لأنهم يعاينونه ذوقا ومشاهدة وليس عملا تعقليا يتبع فيه المنطق أو أية أداة إجرائية أخرى. فهو عندما يحكي مثلا خلافا وقع بين ابن عربي والشيخ شهاب الدين السهروردي حول الفناء وشهود الحقائق على ما هي عليه، وعن شهود التفرقة في الجمع والكثرة في الوحدة وهل يمكن ذلك؟! ينتصر بسرعة للشيخ السهروردي الذي جوز اجتماع الأمرين ويرفض ما نقله عن ابن عربي حكاية من أنه قال: نحن نقول عن شهود الذات وهو يخبرنا عن شهود الصفات. والصواب مع شهاب الدين - أي السهروردي - فإنه كان صحيح الاعتقاد في امتياز الرب عن العبد (68). وإنما بنى ابن عربي على أصله الكفري في أن الحق هو الوجود الفائض على الممكنات. ومعلوم أن شهود هذا لا يقع فيه خطاب وإنما الخطاب في مقام الفعل (69).
والدكتور البوطي الذي استحسن كلام ابن تيمية في تحليله معاني الفناء وموقف الشريعة منها، لا يجد بدا من مخالفته والرد عليه بقوة بخصوص ما أورده في حق ابن عربي. فلا سبيل شرعي يقول البوطي لموافقة ابن تيمية على هذا الكلام. وخلاصة المشكلة أنه - أي ابن تيمية - ومن قلده في نهجه يظلون يأخذون ابن عربي وأمثالهم بلازم أقوالهم، دون أن يحملوا أنفسهم على التأكد من أنهم يعتقدون فعلا ذلك اللازم الذي تصوروه... ويضيف البوطي:
أما أن يكون في كتب ابن عربي كلام كثير يخالف العقيدة الصحيحة ويستوجب الكفر، فهذا ما لا ريبة ولا نقاش فيه. وأما أن يدل ذلك دلالة قاطعة