كان حشوية الحنابلة ينسبون الأشاعرة للتعطيل.
وابن تيمية إذا كان من أقطاب هذا المذهب الحشوي التجسيمي فقد نصب نفسه للدفاع عنه والانتصار له، ومما لا شك فيه أنه ورث العداوة والنفور من الأشاعرة. وعليه فإنه ربما كان ينظر إلى المتصوفة الذين صدورا عن علم الكلام الأشعري بنفس النظرة لعلماء الأشاعرة. فهو عندما يفضل الكلاباذي يثني كثيرا على أبو عبد الرحمان السلمي جامع كلام الصوفية، لأنه وعلى حسب قول ابن تيمية " كان ينكر مذهب الكلابية ويبدعهم، وهو المذهب الذي ينصره أبو القاسم " أي القشيري في رسالته. كما يثني على أبي العباس القصاب لأن له " التصانيف المشهورة في السنة ومخالفة طريقة الكلابية الأشعرية "، وهو هنا يذكر الأشاعرة صراحة.
ومما يحير الباحث ويجعله يتخبط في الآراء المتناقضة، هو قول الشيخ الحراني في أثناء كلامه عن الرسالة القشيرية لأبي القاسم: بأنه جمع فيها متفرقات كلامهم مما يستدل به على أنهم يوافقون الأشاعرة في معتقدهم.
لكنه لا يفتئ يذكر بعد ذلك بأن جل من أرخ لهم أبو القاسم وذكر سيرتهم " لا يعرف عن شيخ منهم أنه كان ينصر طريقة الكلابية والأشعرية.. بل المحفوظ عنهم خلافها، ومن صرح منهم فإنما يصرح بخلافها... " (62).
ولعمري إن هذا اتهام خطير جدا من ابن تيمية لأبي القاسم القشيري فكيف يجرأ مؤرخ أن ينسب لطوائف من رجالات الأمة اعتقادا لم يكونوا يؤمنون به بل كانوا بخلافه. فهل يطمأن بعد ذلك لقول مؤرخ أو مصنف.
لقد كان أبو القاسم أشعريا على مذهب الخلف - خلف الأشاعرة ابن فورك والإسفراييني وغيرهم - فهل يحق له أن ينسب كذبا وزورا كل من أرخ له من رجالات التصوف على أنه كان أشعريا، أو يصدر عن رأيهم أو حتى أنه لم يعرف لبعضهم انتصاره لمذهب الأشعري أو نقضه. فكيف يحق لأبي