عندما يتعرضون لأهل الطرق الصوفية، فهم في نظرهم مبتدعة ضلال مخطئون، بل إنهم غارقون في الشرك وعبادة القبور.
والسلفية اليوم في إطلاقهم وصف الابتداع الضلال على الصوفية وأهل الطرق ليسوا مجتهدين وإنما مقلدة، يقلدون رأي إمامهم ابن تيمية فهم يصدرون عن رأيه وفتاويه ويحاكمون بها هؤلاء الطرقيين، وهذا لعمري إشكال يظهر تناقضا فظيعا في للفصل في هذه القضية. لذلك قلنا سابقا إن للشيخ الحراني إزاء التصوف مواقف متناقضة وأراء غامضة. فاتباعه يضللونهم ويبدعونهم - أي الصوفية - بل يكفرون قسما كبيرا منهم، ويتهمون قسما آخر بالوقوع في الشرك وعبادة القبور، في الوقت نفسه الذي نجد البعض من أهل الطرق والصوفية يستنجد بكلام الشيخ نفسه وفتاويه لإبراء ساحة أصحابه مما يصفهم به أتباع الشيخ " السلفية الوهابية ".
ينقل عبد الحفيظ المكي نصا لابن تيمية ينتصر فيه لطريقة أصحابه - الصوفية - وينزهم عن الابتداع والكفر والشرك. ويطلب من المنتسبين إلى السلفية وإلى شيخ الإسلام ابن تيمية على حد تعبيره، أن يلاحظوا ويقرأوا قول إمامهم: يقول ابن تيمية في الفتاوي: فطائفة ذمت الصوفية والتصوف، وقالوا: إنهم مبتدعون خارجون عن السنة، ونقل عن طائفة من الأئمة في ذلك من الكلام ما هو معروف وتبعهم على ذلك طوائف من أهل الفقه والكلام. وطائفة غلت فيهم وادعوا أنهم أفضل الخلق بعد الأنبياء وكلا في طرفي هذه الأمور ذميم والصواب أنهم مجتهدون في طاعة الله كما اجتهد غيرهم من أهل طاعة الله. ففيهم السابق المقرب بحسب اجتهاده، والمقتصد الذي هو من أهل اليمين وفي كل من الصنفين من قد يجتهد فيخطئ، وفيهم من يذنب فيتوب أولا يتوب. ومن المنتسبين إليهم من هو ظالم لنفسه عاص لربه (55).