فقط بحيث يمكن تقييده بعذر من الأعذار، مثلا فاقد الطهورين لا أمر له بالصلاة فإذا اضطر إلى الصلاة معهم بلا طهارة فقد اضطر إلى صورة صلاة إذ التقية لا تحدث أمرا بالصلاة لمن لا يتمكن من استعمال أحد الطهورين، أو كان فاقدا لهما بالكلية، ومنه إذا اضطر إلى التوضئ بالنبيذ، أو بماء متنجس يراه المخالف طاهرا فإن وجودهما كالعدم عند الشارع ولا يسوغه عذر أصلا بل فرضه التيمم معها إذا تمكن من استعمال التراب وإلا سقط الأمر بالصلاة، بخلاف ما إذا اضطر للتقية إلى الصلاة مع النجاسة الخبثية في بدنه، أو لباسه فإن الخلو عنها ليس شرطا مطلقا بحسب مقام الثبوت ولا يسقط الأمر معها ويسوغه العذر حتى ضيق الوقت مع تعمد عدم التطهير، ومثله المسح على الخفين فإنه يسوغه خوف البرد، ومثل الصلاة إلى غير القبلة فإنه يسوغها الجهل بها، وأما الصلاة قبل الوقت مع وقوعها كلا في خارجه فلا يسوغها شئ بخلاف ما إذا دخل الوقت في أثنائها فإذا اضطر إلى الثاني صحت صلاته كالمتعارف من صلاة المغرب عند العامة دون الأول فإن التقية لا تحدث أما بالصلاة قبل الوقت بالكلية. وبالجملة فالوقت في الجملة شرط مطلق فلا يفيد الاضطرار في أصله. ومنه تعرف حال الافطار عند استتار القرص للتقية فإن الوقت بتمامه ليس شرطا مطلقا ثبوتا ولذا لا قضاء على من أفطر قبل المغرب بالظن المعتبر به كما هو فتوى المشهور ومقتضى غير واحد من النصوص.
ومما ذكرنا تبين الفرق بين الوضوء بالماء المتنجس أو النبيذ، وبين مسح الحشفة بالحائط كما يصنعه العامة فإنهما وإن اشتركا في عدم رفع الحدث بالأولين وعدم رفع الخبث بالأخير لكنهما يفترقان في عدم صحة الصلاة مع الأولين لعدم الأمر بها وصحتها مع الأخير ولو مع التعمد في مثل ضيق الوقت لبقاء الأمر بالصلاة فيعلم إن الطهارة عن الحدث شرط مطلق والطهارة عن الخبث ليست كذلك فالأمر بالوضوء بالنبيذ والصلاة معه تقية أمر صوري لدفع الضرر، بخلاف الأمر بمسح الحشفة بالحائط والصلاة معه فإنه أمر حقيقي بالصلاة معه. ومنه علم أنه لا فرق في الأمر بالتقية بعنوان العموم أو الخصوص بل الفرق من الحيثية التي ذكرناها فالطهارة بالنبيذ لا يسوغها أمر خاص ولا عام والصلاة مع مسح الحشفة يسوغها