يمنة ولا يسرة، فهل عندك من حيلة في دفع هذه الضرورة عن قلوبنا؟ فلطم المتكلم رايته وقال: حيرني الهمداني.
ومعنى كلامه: أن دليلك على النفي نظري ونحن نجد عندنا علما ضروريا بهذا، فنحن مضطرون إلى هذا العلم وإلى هذا القصد، فهل عندك حيلة في دفع هذا العلم الضروري والقصد الضروري الذي يلزمنا لزوما لا يمكننا دفعه عن أنفسنا؟ ثم بعد ذلك نقرر نقيضه، وأما دفع الضروريات بالنظريات فغير ممكن، لأن النظريات غايتها أن يحتج عليها بمقدمات ضرورية، فالضروريات أصل النظريات، فلو قدح في الضروريات بالنظريات لكان ذلك قدحا في أصل النظريات، فتبطل الضروريات والنظريات، إذ كان قدح الفرع في أصله يقتضي فساده، فإن صحته مستلزمة لصحة أصله، فإذا صح كان أصله صحيحا، وفساده لا يستلزم فساد أصله، إذ قد يكون الفساد منه، ولو قدح في أصله للزم فساده، وإذا كان فاسدا لم يقبل قدحه، فلا يقبل قدحه بحال.
وأيضا: فإن هؤلاء قرروا في ذلك بأدلة عقلية، كقولهم: كل موجودين إما متباينان وإما متداخلان، وقالوا: إن العلم بذلك ضروري، وقالوا: إثبات موجود لا يشار إليه مكابرة للحس والعقل.
وأيضا: فمن المعلوم إن القرآن ينطق بالعلو في مواضع كثيرة جدا، حتى قد قيل إنها ثلاثمائة موضع، والسنن متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل ذلك، وكلام السلف المنقول عنهم بالتواتر يقتضي اتفاقهم على ذلك، وأن لم يكن فيهم من ينكره.
ومن يريد التشنيع على الناس، ودفع هذه الأدلة الشرعية والعقلية، لا بد