به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) فهذه الآية لها شأن، وقد اختلف فيها السلف والخلف على قولين: فقالت طائفة: نحن أقرب إليه بالعلم والقدرة والإحاطة. وعلى هذا فيكون المراد قربه سبحانه بنفسه وهو نفوذ قدرته ومشيئته فيه وإحاطة علمه به. والقول الثاني: إن المراد قرب ملائكته منه، وأضاف ذلك إلى نفسه بصيغة ضمير الجمع على عادة العظماء في إضافة أفعال عبيدها إليها بأوامرهم ومراسيمهم إليهم، فيقول الملك نحن قتلناهم وهزمناهم. قال تعالى (فإذا قرأناه فاتبع قرآنه) وجبرائيل هو الذي يقرؤه على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال: (فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم) فأضاف قتل المشركين يوم بدر إليه، وملائكته هم الذين باشروه إذ هو بأمره. وهذا القول هو أصح من الأول.. " (1).
وعن المعية قال ".. وغاية ما تدل عليه " مع " المصاحبة والموافقة والمقارنة في أمر من الأمور، وذا الاقتران في كل موضع بحسبه يلزمه لوازم بحسب متعلقه. فإذا قيل: الله مع خلقه بطريق العموم كان من لوازم ذلك علمه بهم وتدبيره لهم وقدرته عليهم، وإذا كان ذلك خاصا كقوله (إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون) كان من لوازم ذلك معيته لهم بالنصرة والتأييد والمعونة " (2).