بل لا يتمكن هو من الالتزام به أيضا، لذلك نراه يناقض نفسه حيث يقول في كتابه (الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان) "... ولفظ " مع " جاءت في القرآن عامة وخاصة، فالعامة في هذه الآية وفي آية المجادلة (ألم تر أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شئ عليم) فافتتح الكلام بالعلم وختمه بالعلم. ولهذا قال ابن عباس والضحاك وسفيان الثوري وأحمد بن حنبل: هو معهم بعلمه. وأما المعية الخاصة ففي قوله تعالى: (إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون) وقوله تعالى لموسى (إنني أسمع وأرى) وقوله تعالى (إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا).. يعني النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر رضي الله عنه. فهو مع موسى وهارون دون فرعون، ومع محمد وصاحبه دون أبي جهل وغيره من أعدائه، ومع الذين اتقوا والذين هم محسنون دون الظالمين المعتدين.
فلو كان معنى المعية أنه بذاته في كل مكان تناقض الخبر الخاص والخبر العام. بل المعنى أنه مع هؤلاء بنصره وتأييده دون أولئك. وقوله تعالى (وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله) أي هو إله من في السماوات وإله من في الأرض، كما قال تعالى (وله المثل الأعلى في السماوات والأرض) وكذلك قوله تعالى (وهو الله في السماوات وفي الأرض) كما فسره أئمة العلم كالإمام أحمد وغيره أنه المعبود في السماوات والأرض " (1).
فما أقره ابن تيمية هنا من التفسير للمعية ومن التفسير للظرفية بالمعنى الذي