اعتقاد الجلوس على العرش خاصة قوله تعالى: (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب) وقوله تعالى: (ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) وقوله تعالى:
(واسجد واقترب) وقوله تعالى: (والله بكل شئ محيط) وقوله تعالى (وهو معكم أينما كنتم).... إلى غير ذلك مما لا يحصى في الكتاب والسنة المشهورة، مما ينافي الجلوس على العرش. وأهل السنة يرونها أدلة على تنزيه الله سبحانه عن المكان كما هو الحق.
فلا يبقى للحشوية أن يعملوا شيئا إزاء أمثال تلك النصوص غير محاولة تأويلها مجازفة، أو العدول عن القول بالاستقرار المكاني. فأين التمسك بالظاهر في هاتين الحالتين؟ وهكذا سائر مزاعمهم.
على أن من عرف أقسام النظم باعتبار الوضوح والخفاء، وأقر بكون آيات الصفات وأخبارها من المتشابه، كيف يتصور في هذا المقام ظاهرا يحمل المتشابه عليه، وإنما حقه أن يحمل المتشابه في الصفات على محكم قوله تعالى:
(ليس كمثله شئ) بالتأويل الإجمالي.
ومن الحشوية من يزعم أن الآية المذكورة متشابهة ليتنكب الحل المذكور.
بل منهم من بلغ الكفر إلى حد أن يقول: له ساق كساقي هذه، والمراد بالآية نفي المماثلة في الإلهية لا في كل أمر، كما تجد ذلك في كتب العبدري الظاهري في تاريخ ابن عساكر، وهذا كفر بواح. فتلاوة المشبه الآية المذكورة لا تفيد بمجردها التنزيه بالمعنى الذي يفهمه أهل الحق من الآية، فلا تفعل ولا تنخدع.
فمن المضحك المبكي تمسكهم مرة في نفي العلم بالتأويل بقوله تعالى: (وما يعلم تأويله إلا الله) باعتبار الوقف على الاسم الكريم مع دعوى الحمل على الظاهر. وزعمهم أخرى أن التأويل بمعنى التفسير مع الوقف على (والراسخون في العلم) مدعين أنهم يعلمون تأويل المتشابه باعتبار أنهم من الراسخين في