أمر العقيدة، فذكر منها فصولا، فشرع ابن تيمية فحمد الله تعالى وأثنى عليه وتكلم بما يقتضي الوعظ، فقيل له: يا شيخ إن الذي تقوله نحن نعرفه وما لنا حاجة في وعظك، وقد ادعي عليك بدعوى شرعية فأجب. فأراد ابن تيمية أن يعيد التحميد فلم يمكنوه من ذلك بل قيل له أجب، فتوقف وكرر عليه القول مرارا، فلم يزدهم على ذلك شيئا، وطال الأمر، فعند ذلك حكم القاضي المالكي بحبسه، فحبسوه في برج من أبراج القلعة، فتردد إليه جماعة من الأمراء، فسمع القاضي بذلك، فاجتمع بالأمراء وقال: يجب عليه التضييق إذا لم يقتل، وإلا فقد وجب قتله وثبت كفره " (1).
وقال:
".. فكتب عليها الإمام العلامة برهان الدين الفزاري نحو أربعين سطرا بأشياء، وآخر القول أنه أفتى بتكفيره، ووافقه على ذلك الشيخ شهاب الدين ابن جهبل الشافعي، وكتب تحت خطه كذلك المالكي، وكذلك كتب غيره. ووقع الاتفاق على تضليله بذلك وتبديعه وزندقته.
ثم أراد النائب أن يعقد لهم مجلسا ويجمع العلماء والقضاة، فرأى أن الأمر يتسع فيه الكلام ولا بد من إعلام السلطان بما وقع، فأخذ الفتوى وجعلها في مطالعه وسيرها، فجمع السلطان لها القضاة، فلما قرئت عليهم أخذها قاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة وكتب عليها: القائل بهذه المقالة ضال مبتدع.
ووافقه على ذلك الحنفي والحنبلي، فصار كفره مجمعا عليه.. " (2).