فدقق فيه:
" فإن قال الذاب عن علي: هؤلاء الذين قاتلهم علي كانوا بغاة، فقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمار بن ياسر - رضي الله عنه - تقتلك الفئة الباغية، وهم قتلوا عمارا.
فههنا للناس أقوال، منهم: من قدح في حديث عمار.
ومنهم: من تأوله على أن الباغي: الطالب. وهو تأويل ضعيف.
وأما السلف والأئمة فيقول أكثرهم، كأبي حنيفة ومالك وأحمد وغيرهم: لم يوجد شرط قتال الطائفة الباغية، فإن الله لم يأمر بقتالها ابتداء، بل أمر إذا اقتتلت طائفتان أن يصلح بينهما، ثم إن بغت إحداهما على الأخرى قوتلت التي تبغي، وهؤلاء قوتلوا ابتداء قبل أن يبدؤوا بقتال، ولهذا كان هذا القتال عند أحمد وغيره - كمالك - قتال فتنة، وأبو حنيفة يقول: لا يجوز قتال البغاة حتى يبدؤوا بقتال الإمام، وهؤلاء لم يبدؤوه. وأما قتال الخوارج فهو ثابت بالنص والإجماع " (1).
فماذا تفهم من هذا الكلام؟
الآية المباركة لا تجوز قتال من لم يبدأ بالقتال، والذين قاتلهم علي في صفين والجمل لم يبدؤوا بل علي هو البادي؟ فإما أن يكون ظالما متهورا في إراقة الدماء، وإما أن يكون جاهلا بمعنى الآية المباركة!! والأئمة الذين قالوا كذلك أعلم منه!
ثم إنه يقول هذا، وكأن عدم بدء الناكثين والقاسطين بالقتال، أمر ثابت مفروغ منه.
هذا بالنسبة إلى الآية. وأما الحديث فقد ذكر في الجواب عنه وجهين