ويقول الغزالي في (إلجام العوام): ".. إذا قرع سمعه النزول في قوله صلى الله عليه وسلم (ينزل الله تعالى في كل ليلة إلى السماء الدنيا) فالواجب عليه أن يعلم أن النزول اسم مشترك، قد يطلق إطلاقا يفتقر إلى ثلاثة أجسام، جسم عال هو مكان لساكنه، وجسم سافل، وجسم متنقل من السافل إلى العالي ومن العالي إلى السافل. فإن كان من أسفل إلى علو سمي صعودا، وإن كان من علو إلى أسفل سمي نزولا وهبوطا... وقد يطلق على معنى آخر ولا يفتقر إلى تقدير انتقال وحركة في جسم كما قال تعالى (وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج).. وما رؤي البعير والبقر نازلا من السماء بالانتقال، بلى مخلوقة في الأرحام، ولإنزالها معنى لا محالة. كما قال الشافعي رضي الله عنه: " دخلت مصر فلم يفهموا كلامي فنزلت ثم نزلت " فلم يرد انتقال جسده إلى أسفل، فتحقق للمؤمن أن النزول في حق الله تعالى ليس بالمعنى الأول، وهو بانتقال شخص وجسد من علو إلى أسفل.. فإن الشخص والجسم أجسام والرب جل جلاله ليس بجسم، فإن خطر له أنه إن لم يرد هذا فما الذي أراده، فيقال له: أنت إذا عجزت عن فهم نزول البعير فأنت عن فهم نزول الله تعالى أعجز " فليس هذا بعشك فأدرجي " واشتغل بعبادتك أو حرفتك واسكت، واعلم أنه أريد به معنى من المعاني التي يجوز أن تراد بالنزول في لغة العرب، ويليق ذلك المعنى بجلال الله تعالى وعظمته، وإن كنت لا تعلم حقيقته وكيفيته ".
ويقول الشيخ الزرقاني: ".. فكيف تأخذون بظاهر هذا الخبر، مع أن الليل مختلف في البلاد باختلاف المشارق والمغارب، وإذا كان ينزل لأهل كل أفق نزولا حقيقيا في ثلث ليلهم الأخير، فمتى يستوي على عرشه حقيقة كما تقولون.. ومتى يكون في السماء حقيقة كما تقولون، مع أن الأرض لا تخلو من الليل في وقت من الأوقات ولا ساعة من الساعات، كما هو ثابت مسطور لا يماري فيه إلا جهول