ولا يخفى أن الخيار وإن كان مورده العقد، حيث إنه حق حل العقد، وهو وإن كان للبائع والمشتري أو لأحدهما، إلا أن الملاك المتقوم به الخيار وبمنزلة الموضوع له ربما يتقوم بالعقد، كالاجتماع على المعاملة فإنه متقوم بها، وكاشتراء الحيوان فإنه عين الانتقال بالعقد وهكذا، إلا أن عدم وصول الثمن خارجا ليس متقوما بالعقد حتى يكون لعنوان العقد دخل في ملاك الخيار، فالأظهر أن السبب بمعنى مطلق الدخل منحصر هنا في التأخير عن الثلاثة، وهو تمام الملاك للخيار.
- قوله (قدس سره): (وهو حسن لو استند في الخيار... الخ) (1).
أما التحديد بثلاثة أيام فليس إلا في مقام شرطية الاتيان بالثمن في أثناء الثلاثة للبقاء على اللزوم، وأنه مع عدمه في الثلاثة يثبت الخيار بعد الثلاثة من دون دخل لعدم الاتيان بعد الثلاثة في حدوث الخيار، فلا ينافي دخله في بقائه، وأما اطلاق ثبوت الخيار بعد الثلاثة بقاء من حيث الاتيان وعدمه ففي نفسه لا مانع منه، وحال هذه الجهة حال سائر الجهات التي تدفع باطلاق دليل الخيار.
وبعبارة أخرى لو كان هذا الخيار محدودا شرعا بعدم الاتيان بالثمن - كخيار المجلس بعدم الافتراق وكخيار الحيوان بعدم انقضاء الثلاثة - لقيد به شرعا، إلا أن المحذور هنا هو أنه حيث كان قوله (عليه السلام) (وإلا فلا بيع له) بيانا لمفهوم قوله (عليه السلام) (فإن جاء بالثمن ما بينه وبين ثلاثة أيام) فلا يعقل أن يكون ثبوت الخيار مطلقا من حيث الاتيان بالثمن وعدمه، فإن المفهوم يتبع المنطوق اطلاقا وتقييدا، ومنطوق قضية (فإن جاء بالثمن) لا يعقل اطلاقه من حيث الاتيان بالثمن بعد الثلاثة، فلا يعقل اطلاق لمفهومها، والظاهر أن الشرطية الثانية بيان لمفهوم الأولى، لا أنها شرطية مستقلة ابتدائية، وعليه فلا مانع من اجراء الاستصحاب.
نعم رواية إسحاق بن عمار متكفلة لشرطية مستقلة وهي قوله (عليه السلام) (من اشترى بيعا فمضت ثلاثة أيام ولم يجئ فلا بيع له) (2) وعدم قابلية سائر القضايا منطوقا ومفهوما للاطلاق لا ينافي قابلية هذه الشرطية المستقلة للاطلاق، وكون الروايات في مقام