المكان وبنوه له ونقلوا الرخام إليه وكان ذلك في خلافة الفائز على يد طلائع في سنة تسع وأربعين وخمسمائة، ويفهم من هذين النصين أن الرأس بقي عاما مدفونا في قصر الزمرد، حتى أنشئت له خصيصا قبة هي المشهد الحالي وذلك سنة 549 ه.
قالوا: ولما جاءت الدولة الأيوبية جعل صلاح الدين بالمشهد حلقة تدريس وفقهاء وفوضها للفقيه البهاء الدمشقي، وما كان ليفعل ذلك لولا تأكده من وجود الرأس الشريف في هذا المكان. ولما تولى الوزارة معين الدين حسين ابن شيخ الشيوخ ابن حمويه في عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب بني إيوانا للتدريس وبيوتا للفقهاء في مكان المسجد الحالي بجوار المشهد ثم توالت التجديدات والصيانات والاصلاحات والتوسعات بهذا الحرم المصري ولا زالت تتوالى حتى اليوم وغدا بإذن الله.
وصف القبة المباركة وقد كتب ابن جبير وصفا شاملا دقيقا للقبة والمدرسة جاء فيه: فمن ذلك المشهد العظيم الشأن الذي بمدينة القاهرة حيث رأس الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما. وهو في تابوت من فضة مدفون تحت الأرض. قد بني عليه بنيان جميل يقصر الوصف عنه. ولا يحيط الادراك به مجلل بأنواع الديباج، محفوف بأمثال العمد الكبار شمعا أبيض ومنه ما هو دون ذلك قد وضع أكثره في أنوار فضة خالصة ومذهبة. وعلقت عليه قناديل فضة، وحف أعلاه كله بأمثال التفافيح ذهبا في مصنع شبيه الروضة يقيد الأبصار حسنا وجمالا. فيه من أنواع الرخام المجزع الغريب الصنعة البديع الترصيع مما لا يتخيله المتخيلون. والمدخل إلى هذه الروضة على مسجد على مثلها في التأنق والغرابة، وحيطانه كلها رخام على الصفة المذكورة، وعن يمين الروضة المذكورة وشمالها وهما على تلك الصفة بعينها، والأستار البديعة الصنعة من الديباج معلقة على الجميع.
القبة في عصرها الحديث