ومهما يكن من أمر فقد بات في حكم المؤكد أنه لم يكن في القرن الخامس الهجري وجود للرأس في دمشق بل كان في مدينة عسقلان للأسباب الآتية:
أولا - يؤيد وجود الرأس بعسقلان في العصر الفاطمي نص تاريخي منقوش على منبر (المشهد) الذي أعاد بناءه بدر الجمالي وأكمله ابنه الأفضل في عصر الخليفة المستنصر. ولما نقل الرأس إلى مصر، نقل المنبر إلى المشهد الخليلي بالقدس، والمنبر ما زال موجودا حتى الآن هناك.
أما النص الكتابي فقد جاء فيه: الحمد لله وحده لا شريك له، محمد رسول الله، علي ولي الله، صلى الله عليهما وعلى ذريتهما الطاهرة، سبحان من أقام لموالينا الأئمة مشهدا مجدا رفع راية، وأظهر معجزا بين كل وقت وآية. وكان من معجزاته تعالى إظهاره رأس مولانا الإمام الشهيد أبي عبد الله الحسين بن علي بن أبي طالب صلى الله عليه وعلى جده وأبيه وأهل بيتهم بموضع بعسقلان كان الظالمون ستروه فيه. وإظهاره الآن شرفا لأوليائه الميامين، وانشراح صدور شيعته المؤمنين. ورزق الله فتى مولانا وسيدنا معد أبي تميم الإمام المستنصر بالله أمير المؤمنين صلى الله عليه وعلى آبائه وأبنائه الطاهرين.
ثانيا - جاء في المقريزي أن المؤرخ ابن المأمون ذكر في حوادث سنة 516 ه أن الخليفة الفاطمي الأمر بأحكام الله أمر بإهداء قنديل من ذهب وآخر من فضة إلى مشهد الحسين وأهدى إليه الوزير المأمون قنديلا ذهبيا له سلسلة فضية.
ثالثا - لو كان الرأس موجودا في مكان آخر غير عسقلان سواء في الشام أو خارجها لما عز على خلفاء الدولة الفاطمية الوصول إليه، وهم كما نعلم من الشيعة الإسماعيلية وقوتهم الدينية تعتمد على أكثر ما تعتمد على نسبهم لفاطمة الزهراء، أما قوتهم السياسية فقد فاقت الدولة العباسية، إذ امتدت الدولة الفاطمية من مصر وبلاد الشام والحجاز واليمن شرقا إلى شمال أفريقيا وبلاد المغرب غربا، بل أنه حدث في عهد الخليفة المستنصر أن نادى البساسيري أحد كبار الشيعة، بسقوط الدولة