يرفع الحكم إلى درجة التواتر لعدم التسليم بتواطؤ كل هؤلاء على الكذب أو على الجهل والغفلة والتعصب، بالإضافة إلى كبار المؤرخين الذين أسلفنا ذكرهم. وتم الاجماع على أن الرأس الطاهر وصل إلى القاهرة من عسقلان في (يوم الأحد ثامن جمادى الآخرة سنة خمسمائة وتسع وأربعين) فحمله الأمير (سيف المملكة كمين) والقاضي (ابن مسكين) إلى السرداب الخليفي العظيم بقصر الزمرد، فحفظ مؤقتا بالسرداب من عاشر جمادى الآخرة في خلافة (الفائز الفاطمي) على يد وزيره الصالح (طلائع بن رزيك) حتى بن القبر الحالي والقبة عند باب (الديلم) الواقع وقتئذ في الجنوب الشرقي من القصر الكبير والمعروف الآن بالباء الأخضر فحمل الرأس الشريف من السرداب العظيم إلى هذا القبر ودفن به في الثلاثاء الأخير من ربيع الآخر على المشهور من العام التالي وهو موعد الذكرى السنوية الكبرى.
سادسا: قول فصل في الموضوع تحقيق علمي حاسم لأختنا في الله الدكتورة الأثرية الحاجة سعاد ماهر عميدة كلية الآثار في كتاب (أولياء الله الصالحون) للعلامة الأثرية المحققة الدكتورة سعاد ماهر تحدثت بإفاضة عن موضوع الرأس الشريف، فجمعت بين العلم والمنطق والعقل والعاطفة. وبعد أن فندت الروايات التي تقول بدفن الرأس بعيدا عن القاهرة أفردت بداية من صحيفة (374) من الكتاب المذكور هذا التحقيق العظيم الذي تقول فيه ما نصه: ولكن ما السبب في اختيار مدينة عسقلان بالذات لكي تكون مقرا للرأس؟
وهي مدينة لم تحدثنا كتب التاريخ بأنها كانت مركزا من مراكز الشيعة (مثلا) اللهم إلا إذا أريد أن يكون الرأس في مكان قريب من (بيت المقدس) من جهة وقريب من (الساحل) من جهة إخراجها من (المشرق)، حيث لاقى الشيعة الشئ الكثير من اضطهاد الأمويين أولا، ثم العباسيين ثانيا، ليمكن نقلها في يسر إلى (شمال أفريقيا وبلاد المغرب مثلا) حيث اتجه عدد عظيم من الشيعة!!!