الله فلعمري ما الإمام إلا العامل بالكتاب والقائم بالقسط والدائن بدين الحق والسلام.
ثم دعا الحسين مسلم بن عقيل فسيره نحو الكوفة، وأمره بتقوى الله وكتمان أمره واللطف، فإن رأى الناس مجتمعين عجل إليه بذلك فسار مسلم نحو الكوفة وأميرها النعمان بن بشير الأنصاري فأقبلت إليه الشيعة تختلف إليه. ولما بلغ ذلك النعمان صعد المنبر وقال: أما بعد، فلا تسارعوا إلى الفتنة والفرقة فإن فيهما تهلك الرجال وتسفك الدماء وتغصب الأموال وكان النعمان حليما ناسكا يحب العافية ثم قال إني لا أقاتل إلا من يقاتلني ولا أثب على من لا يثب علي ولا أنبه نائمكم ولا أتحرش بكم ولا آخذ بالقرف ولا الظنة ولا التهمة ولكنكم إن أبديتم صفحتكم ونكثتم بيعتكم وخالفتم إمامكم فوالله الذي لا إله إلا هو لأضربنكم بسيفي ما ثبت قائمه بيدي ولو لم يكن لي منكم ناصر ولا معين أما إني أرجو أن يكون من يعرف الحق منكم أكثر ممن يرديه الباطل فقام إليه رجل من شيعة بني أمية وقال له إنه لا يصلح ما ترى إلا المغشم إن هذا الذي أنت عليه رأي المستضعفين فقال أكون من المستضعفين في طاعة الله أحب إلي من أن أكون من الأعزين في معصية الله ونزل، فكتب ذلك الرجل إلى يزيد يخبره بقدوم مسلم بن عقيل ومبايعة الناس له ويقول إن كان لك بالكوفة حاجة فابعث إليها رجلا قويا ينفذ أمرك ويعمل مثل عملك في عدوك فإن النعمان رجل ضعيف أو يتضعف فعزل يزيد النعمان وولى على الكوفة عبيد الله بن زياد أمير البصرة فجعله والي المصرين وأمره بطلب مسلم بن عقيل وقتله أو نفيه فقام ابن زياد إلى الكوفة وخطب في أهلها فقال: أما بعد فإن أمير المؤمنين ولاني مصركم وثغركم وفيئكم وأمرني بإنصاف مظلومكم وإعطاء محرومكم وبالاحسان إلى سامعكم ومطيعكم وبالشدة على مريبكم وعاصيكم وأنا متبع فيكم أمره ومنفذ فيكم عهده فأنا لمحسنكم كالوالد البر ولمطيعكم كالأخ الشقيق وسيفي وسوطي على من ترك أمري وخالف عهدي فليبق امرؤ على نفسه ثم نزل فأخذ العرفاء والناس أخذا شديدا وقال اكتبوا لي الغرباء ومن فيكم من طلبة أمير المؤمنين ومن فيكم من