فوضعه أمامه، وأمر أصحابه فأوقدوا النار في حطب كان ورأهم لئلا يأتيهم العدو من ورائهم. فمر شمر فقال: يا حسين، تعجلت النار في الدنيا. فقال مسلم بن عوسجة: ألا رميته بسهم؟ فقال الحسين: لا، إني أكره أن أبدأهم، ثم قال الحسين عليه السلام لأعدائه: أتنسبوني؟ فانظروا من أنا، ثم راجعوا أنفسكم، فانظروا هل يصلح لكم قتلي وانتهاك حرمتي، ألست ابن بنت نبيكم؟ وابن ابن عمه؟ أليس حمزة سيد الشهداء عم أبي؟ وجعفر الطيار عمي؟ فقال شمر [بن ذي الجوشن]: عبدت الله على غير حرف إن كنت أدري ما تقول. فقال: أخبروني أتطلبوني بقتيل منكم قتلته؟ أو مال لكم أخذته!؟ فلم يكلموه. فنادى: يا شبث بن ربعي، يا قيس بن الأشعث، يا حجار، ألم تكتبوا إلي؟ قالوا: لم نفعل، فقال: فإذا كرهتموني فدعوني أنصرف عنكم. فقال له قيس: أولا تنزل على حكم ابن عمك؟ فإنه لن يصل إليك منهم مكروه، فقال: لا والله، لا أعطيهم بيدي إعطاء الذليل.
فعطف عليه الحر فقاتل معه فأول من رمى عسكر الحسين عليه السلام بسهم:
عمر بن سعد، وصار يخرج الرجل من أصحاب الحسين فيقتل من يبارزه، فقال عمرو بن حجاج للناس. يا حمقى: أتدرون من تقاتلون؟ هؤلاء فرسان المصر، وهم قوم مستميتون، فقال عمر: صدقت، فحمل عمرو بن الحجاج على الحسين، فاضطربوا ساعة، فصرع مسلم بن عوسجة أول أصحاب الحسين، وحمل شمر وحمل أصحاب الحسين عليه السلام من كل جانب، وقاتل أصحاب الحسين قتالا شديدا، فلم يحملوا على ناحية إلا كشفوها، وهم اثنان وثلاثون فارسا، فرشقهم أصحاب عمر بالنبل، فعقروا خيولهم، فصاروا رجالة، ودخلوا على بيوتهم، يقوضونها ثم أحرقوها بالنار، فقتل أصحاب الحسين كلهم وفيهم بضعة عشر شابا من أهل بيته منهم من أولاد علي عليه السلام: العباس، وجعفر، وعثمان، ومحمد، وأبو بكر ومنهم من أولاد الحسين: علي، وعبد الله، وأبو بكر، والقاسم. ومنهم من أولاد عبد الله بن جعفر:
عون، ومحمد. ومن أولاد عقيل: جعفر، وعبد الرحمن، وعبد الله، ومسلم، قتل