يزيد من واليه على المدينة المنورة أن يأخذ الحسين وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمر أخذا شديدا، ليس فيه رحمة، إذا لم يبايعونه.
وقد التقى الوليد بالحسين، وطلب منه بيعة يزيد، ورفض الحسين. بينما فر عبد الله بن الزبير إلى مكة لاجئا إلى بيت الله الحرام، وبايع عبد الله بن عمر. وفي المدينة بعد أن رفض الحسين مبايعة يزيد، ذهب مروان بن الحكم شيخ الأمويين إلى الوليد ولامه، لأنه أذن للحسين بالانصراف من مجلسه ولم يشدد عليه، ولم يحبسه حتى يبايع أو تضرب عنقه. وهنا يقول الحسين لمروان: أأنت تضرب عنقي؟ ثم يلتفت إلى الوليد، ويقول: يا أمير، إنا أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، بنا فتح الله وبنا ختم. ويزيد فاسق فاجر، شارب الخمر، قاتل النفس المحرمة معلن بالفسوق والفجور.. ومثلي لا يبايع مثله، ولكن نصبح وتصبحون وننظر وتنظرون أينا أحق بالبيعة والخلافة.
خرج الحسين من دار الوليد بن عتبة، وقد عزم على الهجرة من المدينة إلى مكة المكرمة. وفي مكة المكرمة ذاع خبر ما قاله الحسين للوليد ومروان، ورفضه بيعة يزيد. وهنا تقاطر على الرسل من المسلمين عامة، وأهل الكوفة يبايعون الحسين بالخلافة. وتقول رسائلهم التي نشرتها مصادر كثيرة بتوسع:.. الناس ينتظرونك، لا رأي لهم غيرك فالعجل العجل، يا ابن رسول الله، فقد اخضر الجناب وأينعت الثمار، واعشوشبت الأرض، وأورقت الأشجار، فأقدم إذا شئت، فإنما تقدم على جنود مجندة لك والسلام.
هنا يعتزم الحسين أمرا. بعد أن بقي في مكة أربعة أشهر لقد اعتزم الخروج من مكة المكرمة إلى الكوفة. ويستشير أصحابه فيما اعتزمه، فيحاول الكثير أن يثنيه عن عزمه. ويقول له ابن الزبير لو أقمت بالحجاز، ثم أردت هذا الأمر - أي الخلافة - هنا لما خالفناك، وإنما ساعدناك وبايعناك ونصحناك. ويرد الحسين على ابن الزبير بوجهة نظرة قائلا: إن أبي حدثني أن لها - أي مكة المكرمة - كبشا تستحل به حرمتها،