الحرورية وأهل الريب الذي دأبهم الخلاف والشقاق فمن كتبهم إلي برئ ومن لم يكتب لنا أحدا فليضمن لنا ما في عرافته أن لا يخالفنا فيهم مخالف ولا يبغي علينا منهم باغ فمن لم يفعل برئت منه الذمة وحلال لنا دمه وماله وأيما عريف وجد في عرافته من بغية أمير المؤمنين أحد لم يعرفه إلينا صلب على باب داره، ألقيت تلك العرافة من العطاء وسير إلى موضع نعمان الزارة.
سمع مسلم بمقال ابن زياد فاستجار بهانئ بن عروة المرادي فأجاره متكرهين وصارت الشيعة تختلف إليه هناك فعلم ابن زياد بمقره بدار هانئ فاستقدم هانئا فقدم عليه، ولما دنا منه قال عبيد الله:
أريد حياته ويريد قتلي * عذيرك من خليك من مراد فقال هانئ وما ذاك؟ فقال: يا هانئ ما هذه الأمور التي تربص في دارك لأمير المؤمنين والمسلمين جئت بمسلم فأدخلته دارك وجمعت له السلاح والرجال وظننت أن ذلك يخفى لك وقد أراد هانئ أن ينكر فلم يجد إلى الانكار سبيلا فطلب منه ابن زياد أن يسلم إليه مسلما فامتنع خوف السبة والعار فأمر ابن زياد به فضرب وحبسه بالقصر. ولما علم بذلك مسلم نادى في أصحابه بشعارهم يا منصور وكان قد بايعه ثمانية عشر ألفا وحوله في الدور أربعة آلاف فاجتمع إليه ناس كثير فعبأهم وأقبل إلى القصر فأحاط به وامتلأ المسجد والسوق من الناس ولم يكن مع ابن زياد إلا ثلاثون رجلا من الشرط وعشرون رجلا من الأشراف وأهل بيته ومواليه وأقبل أشراف الناس يأتونه فدعا كثير بن شهاب الحارثي وأمره أن يخرج فيمن أطاعه من مذحج ويخذل الناس عن ابن عقيل ويخوفهم وأمر محمد بن الأشعث أن يخرج فيمن أطاعه من كندة فيرفع راية أمان لمن جاءه من الناس وأمر بمثل ذلك غيره من الأشراف وأبقى عنده بعضهم استئناسا بهم فخرج الذين أمروا بالخروج يخذلون الناس وأشرف الذين بالقصر على الناس فمنعوا أهل الطاعة وخوفوا أهل المعصية.
ولما رأى الناس ذلك شرعوا يتفرقون حتى لم يبق مع ابن عقيل في المسجد إلا