قدرت منه على مثلها أبدا حتى تكثر القتلى بينك وبينه، احبس الرجل ولا يخرج من عندك حتى يبايع أو تضرب عنقه. فوثب الحسين عند ذلك فقال: يا ابن الزرقاء، أنت تقتلني أو هو؟ كذبت والله وأثمت. ثم خرج فقال مروان: والله لا يمكنك من مثلها من نفسه، فقال الوليد: والله ما أحب أن لي ما طلعت عليه الشمس وغربت، وإني قتلت حسينا.
إلى أن قال في ص 335 عند ذكر مقتله عليه السلام:
وذلك أنه أقبل حتى نزل شراف، فبينما هم كذلك إذ طلعت عليهم الخيل، فنزل الحسين رضي الله عنه، وأمر بأبنيته فضربت، وجاء القوم وهم ألف فارس مع الحر بن يزيد التميمي - وكان صاحب شرطة ابن زياد - حتى وقفوا مقابل الحسين عليه السلام في حر الظهيرة، فأمر الحسين رجلا فأذن، ثم خرج فقال: أيها الناس إنها معذرة إلى الله وإليكم، إني لم آتكم حتى قدمت علي رسلكم، وأتتني كتبكم أن أقدم علينا، فليس لنا إمام، فإن كنتم كارهين انصرفت عنكم إلى المكان الذي أقبلت منه، فسكتوا عنه، وقالوا للمؤذن: أقم الصلاة، فأقام الصلاة، وصلى الحسين، وصلى الحر معه، ثم تراجعوا، فجاءت العصر، فخرج يصلي بهم وقال: أتتني كتبكم ورسلكم، فقال الحر:
ما ندري ما هذه الكتب والرسل. فقال: يا عقبة بن سمعان، أخرج إلي الخرجين.
فأخرجهما مملؤين صحفا فنشرها بين أيديهم، فقال الحر: إنا لسنا من هؤلاء الذين كتبوا إليك، وقد أمرنا أن لا نفارقك حتى نقدمك الكوفة على عبيد الله بن زياد، فقال الحسين: الموت أدنى [إليك] من ذلك. وقام فركب وركب أصحابه وقال: انصرفوا بنا.
فحالوا بينه وبين الانصراف، فقال للحر: ثكلتك أمك، ما تريد؟ قال: إني لم أؤمر بقتالك، إنما أمرت أن لا أفارقك حتى أقدمك الكوفة، فإذا أبيت فخذ طريقا لا تدخلك الكوفة، ولا تردك المدينة حتى أكتب إلى ابن زياد، وتكتب أنت إلى يزيد أو إلى ابن زياد لعل الله أن يرزقني العافية من أن أبتلي من أمرك، فتباشر الحسين والحر يسايره، ثم جاءه كتاب عبيد الله بن زياد أن جعجع بالحسين حتى يبلغك