إليه، فقدم إليه هانئ، فأمره بإحضار مسمل بن عقيل، فامتنع عن دفع ضيفه حتى يموت دونه، فهدده ابن زياد بالقتل، فلم يحفل بتهديده، فغضب أحد أتباع ابن زياد، وضرب هانئ بقضيب كان بيده على أنفه وجبينه حتى كسر أنفه وأسال الدماء على ثيابه ونثر لحم خديه وجبينه، ثم أمر ابن زياد به فألقي في بيت. وبلغ مذحجا أن ابن زياد قد قتل هانئا فأقبلوا حتى أحاطوا بالقصر، فخرج إليهم شريح القاضي وأعلن لهم أن هانئا لم يقتل، فانصرفوا. وعندما علم ابن عقيل أن هانئا قد قتل دعا كل من بايعه من الشيعة، فتجمعوا لديه فتقدم معهم حتى أحاطوا بقصر الإمارة، ولكن ابن زياد أرسل إليهم من يخوفهم المعصية ويهددهم بالعذاب، فتفرقوا عن ابن عقيل، فلما ألفي نفسه وحيدا قد خذله القوم مضى في أزقة الكوفة لا يدري إلى أين يذهب، فانتهى إلى باب امرأة كندية فآوته، ولكن ابنها مضى إلى ابن زياد ودله على مكان ابن عقيل، وتم القبض عليه، ثم أمر به ابن زياد فرقى به إلى أعلى القصر، فضربت عنقه هناك فسقطت رأسه إلى الرحبة ثم سقط الجسد، أما رأسه فبعث به إلى دمشق وأما جسده فصلب. أما الحسين فلم تكن قد وصلته أخبار مسلم، فاستبطأها وعزم على السير نحو الكوفة، فلما هم بالرحيل أتاه ابن عباس وحاول أن يثنيه عن السير خوفا من غدر أهل العراق به، ولكنه لم يصغ إليه بحجة أن مسلم بن عقيل كتب إليه باجتماع أهل الكوفة على بيعته ونصرته، وعندما علم ابن الزبير بعزم الحسين على الرحيل سر في نفسه لمسيره وشجعه على إتيان الكوفة وقال: وفقك الله! أما لو أن لي بها مثل أنصارك ما عدلت عنها ثم دخل أبو بكر بن الحارث بن هشام على الحسين قبل سيره ونصحه بعد الذهاب إلى الذين عدوا على أبيه علي وأخيه الحسن، ولكن الحسين شكره على نصيحته ولم يأخذ بها.
فلما اقترب الحسين من القادسية لقيه نفر أبلغه بمقتل مسلم بن عقيل ونصحوه بالعودة، وظل كلما تقدم قليلا أقبل عليه من ينصحه بالعودة، ولكنه واصل السير.
وكان ابن زياد قد وجه الحصين بن نمير في أربعة آلاف فارس من أهل الكوفة وأمره