ولقد توالت آيات الله تعالى، على إمامنا الحسن بن علي رضي الله عنه، أسبغ الله نعمه عليه، حتى أفعم قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم بحبه، وأمر بحبه، وحث على حبه، حتى جاء ذلك واضحا في الصحيح من السنة.
وقال أيضا في ص 132: دواعي الحق بحسن البيان ناطقة، وألسنة الخلق فيما ورد به التكليف صادقة. وخواطر الغيب بكشف ظلم الريب مفصحة، وزواجر التحقيق عن متابعة التمويه للقلوب ملازمة. غير أن الهداية ليست من حيث السعاية، وإنما الهداية من حيث البداية. وليست الهداية بفكر العبد ونظره، وإنما الهداية بفضل الحق وجميل ذكره. فمن قام بحق الله تعالى، تولى الله أموره، على وجه الكفاية، فلا يخرجه إلى أمثاله، ولا يدع شيئا من أحواله، إلا أجراه على ما يريده بحسن أفضاله.
فإن لم يفعل ما يريده، جعل العبد راضيا بما يفعل، وروح الرضا على الأسرار، أتم من راحة العطاء على القلوب.
وإمامنا الجليل الحسن بن علي رضي الله عنه، له من شهادة الخلق، ما يعبر عنه بأقلام الحق، ومن ثناء الخلق ما يعد من دواعي الحق. فمنذ أن نشأ، رضي الله عنه، وهو يرى أن تقوى الله حمته من محارمه، وألزمت قلبه مخافته، حتى أسهرت لياليه، وأظمأت هواجره، فأخذ الراحة بالنصب، والري بالظمأ، واستقرب الأجل، فبادر العمل، وكذب الأمل. والباحث في تاريخه رضي الله عنه والدارس لسيرته، والمتتبع لآثاره، يجد من كلام الرواة الثقات، والحفاظ المكثرين ما يبين لنا بوضوح واضح، منزلة الإمام الحسن بن علي رضي الله عنه، عندهم، ومكانته لديهم.
يقول عنه أبو نعيم في الحلية: فأما السيد المحبب، والحكيم المقرب، الحسن بن علي رضي الله عنهما. فله في معاني المتصوفة الكلام المشرق المرتب، والمقام المؤنق المهذب.
ويقول ابن أسعد اليافعي: ومن توكله: أنه بلغه أن أبا ذر يقول: الفقر أحب إلي من الغنى، والسقم أحب إلي من الصحة. فقال: رحم الله أبا ذر، أما أنا فأقول: من اتكل