الأعرابي منه هذا القول صاح: أشهد أنك ابن بنت النبي صلى الله عليه وسلم فقد جئتك أختبر حلمك. ثم قال: هكذا يكون أولياء الله الحقيقيون، الذين لا يهمهم، أمدحهم الناس أم لاموهم، والذين يسمعون اللوم هادئين فيستوي عندهم مدح الخلق لهم أو قدحهم فيهم.
وأخرج ابن حجر في تهذيب التهذيب بسنده قال: قال جويرة: لما مات الحسن ابن علي بكى مروان في جنازته، فقال الحسين: أتبكيه وقد كنت تجرعه ما تجرعه؟
فقال إني كنت أفعل ذلك إلى أحلم من هذا، وأشار بيده إلى الجبل.
ويقول ابن خلكان في وفيات الأعيان: كان الحسن إذا فرغ من الوضوء تغير لونه، فقيل له في ذلك، فقال: حق على ما أراد أن يدخل على ذي العرش أن يتغير لونه ا ه.
وأخرج الحافظ ابن كثير بسنده قال: ما قامت النساء عن مثل الحسن بن علي.
وقال غيره: كان الحسن إذا صلى الغداة في مسجد رسول الله، يجلس في مصلاه يذكر الله حتى ترتفع الشمس، ثم يسند ظهره فلا يبقى في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، رجل له شرف إلا أتاه ويجلس إليه من يجلس، من سادات الناس يتحدثون عنده، ثم يقوم فيدخل على أمهات المؤمنين فيسلم عليهن، فربما أتحفنه ثم ينصرف إلى منزله، وما نزل لمعاوية عن الخلافة إلا من ورعه، صيانة لدماء المسلمين.
كان له على معاوية في كل عام جائزة، وكان يفد إليه، فانقطع سنة عن الذهاب وجاء وقت الجائزة فاحتاج الحسن فربما أجازه بأربعمائة ألف درهم، وراتبه في كل سنة مائة ألف، إليها - وكان من أكرم الناس - فأراد أن يكتب إلى معاوية ليبعث بها إليه، فلما نام تلك الليلة رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم، في المنام فقال له: يا بني أتكتب إلى مخلوق بحاجتك؟ وعلمه دعاء يدعو به، فترك الحسن ما كان هم به من الكتاب، فذكره معاوية وافتقده، وقال: ابعثوا إليه بمائتي ألف، فلعل له ضرورة في تركه القدوم علينا، فحملت إليه من غير سؤال.