شرح إحقاق الحق - السيد المرعشي - ج ٣٣ - الصفحة ٣٦٤
وعلى القصواء ناقة الرسول المباركة، خرج علي إلى الحج بعد الفتح بعام...
ويوم آخى الرسول بين المهاجرين والأنصار، اصطفى عليا أخا.
ويوم خرج إلى بدر غازيا، ومعه أصحابه، كل ثلاثة على جمل، اختار عليا وأبا لبابة زميلين، وقد عرضا عليه صلى الله عليه وسلم أن يمشيا ليستريح في مركبه، فأبى وقال: ما أنتما أقوى على المشي مني، وما أنا أغنى عن الأجر منكما.
وتذاكرا القوم أحاديث الرسول لعلي. وفي علي:
أنت مني بمنزلة هارون من موسى.
أنت مني وأنا منك.
أنت ولي كل مؤمن بعدي.
من كنت مولاه، فعلي مولاه؟.
لا يحبه إلا مؤمن، ولا يبغضه إلا منافق.
أهناك من هو أحق بالخلافة من علي ربيب النبي، وابن عمه أبي طالب، وزوج ابنته الزهراء، وأبي الحسنين ريحانتي الرسول، وأول الناس إسلاما، وأطولهم في الجهاد باعا، وفتى قريش شجاعة وعلما؟..
وأمسكت الزهراء صامتة لا تعقب، ومضت أيام وهي في عزلة عن الناس، لا تنشط للنضال عن ميراثها الذي أباه عليها أبو بكر. وهل أبقى الحزن لها من قوة تسعفها على نضال؟..
وكان بحيث تظل منطوية على جراحها وحزنها، لو لم يدعها الواجب إلى أن تؤدي حق زوجها وولديها عليها، فتسعى في رد الأمر إلى أهل بيت الرسول...
وحملها علي فوق دابة، وخرج بها ليلا فطافت بمجالس الأمصار مجلسا مجلسا، تسألهم أن يؤيدوا أبا الحسن فيما يطلب من حق جحد.
أجابوا جميعا: يا بنت رسول الله، قد مضت بيعتنا لأبي بكر، ولو أن زوجك وابن عمك سبق إلينا لما عدلنا به أحدا...
فكان الإمام يقول: أفكنت أدع رسول الله في بيته ولم أدفنه، وأخرج أنازع في سلطانه؟
وترد فاطمة: ما صنع أبو الحسن إلا ما ينبغي، ولقد صنعوا ما الله حسبهم وطالبهم...
ورجعت إلى بيتها فلزمته، فما راعها حين أصبحت إلا ضجة قد علت قريبا من الباب، وتناهى إليها صوت عمر يحاول أن يدخل، وهو يقسم منذرا، أن سوف يحمل عليا على البيعة اتقاء الفتنة وخوفا من تفرق كلمة المسلمين وانتثار قواهم، فصاحت الزهراء بملء لوعتها:
يا أبت يا رسول الله، ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة؟...