شرح إحقاق الحق - السيد المرعشي - ج ٣٣ - الصفحة ٣٥٣
عجيب والذي يكثر العجب ويطول فيه الفكر أن بعلها أمير المؤمنين عليه السلام لم يعلمها ولم يصنها عن الخروج من منزلها لطلب المحال والكلام بين الناس بل يعرضها لالتماس الباطل ويحضر معها فيشهد بما لا يسوغ ولا يحل إن هذا من الأمر المهول الذي تحار فيه العقول.
ومن عجيب أمرهم وضعف دينهم أنهم نسبوا رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أنه لم يعلم ابنته التي هي أعز الخلق عنده والذي يلزم من صيانتها ويتعين عليه من حفظها أضعاف ما يلزمه لغيرها بأنه لا حق لها من ميراثه ولا نصيب له في تركته ويأمرها أن تلزم بيتها ولا تخرج للمطالبة لما ليس لها والمخاصمة في أمر مصروف عنها وقد جرت عادة الحكماء في تخصيص الأهل والأقرباء بالارشاد والتعليم والتأديب والتهذيب وحسن النظر بهم بالتنبيه والتنتيف والحرص عليهم بالتعريف والتوقيف والاجتهاد في ايداعهم معالم الدين وتميزهم عن العالمين هذا مع قول الله تعالى (وأنذر عشيرتك الأقربين) وقوله سبحانه (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة) وقول النبي صلى الله عليه وآله بعثت إلى أهل بيتي خاصة وإلى الناس عامة فنسبوه صلى الله عليه وآله إلى تضييع الواجب والتفريط في الحق اللازم من نصيحة ولده وإعلامه ما عليه وله ومن ذا الذي يشك في أن فاطمة كانت أقرب الخلق إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وأعظمهم منزلة عنده وأجلهم قدرا لديه وإنه كان في كل يوم يغدو إليها لمشاهدتها والسؤال عن خبرها والمراعاة لأمرها ويروح كذلك إليها ويتوفر على الدعاء لها ويبالغ في الاشفاق عليها وما خرج قط في بعض غزواته وأسفاره حتى ولج بيتها ليودعها ولا قدم من سفره إلا لقوه بولديها فحملهما على صدره وتوجه بهما إليهما إليها فهل يجوز في عقل أو يتصور في فهم أن يكون النبي صلى الله عليه وآله أغفل إعلامها بما يجب لها وعليها وأهمل تعريفها بأنه لاحظ في تركته لها والتقدم إليها بلزوم بيتها بترك الاعتراض بما لم يجعله الله لها اللهم إلا أن نقول أنه أوصاها فخالفت وأمرها بترك الطلب فطلبت وعاندت فيجاهرون بالطعن عليها ويوجبون بذلك بذمها والقدح فيها ويضيفون المعصية إلى من شهدالقرآن بطهارتها وليس ذلك منهم بمستحيل وهو في جنب عداوتهم لأهل البيت عليهم السلام قليل.
ومن العجب قول بعضهم لما أغضبه الحجاج إنه صلى الله عليه وآله أعلمها فنسيت واعترضها الشك بعد علمها فطلبت وهذا مخالف للعادات لأنه لم يجر العادة بنسيان ما هذا سبيله لأنه قال لها لا ميراث لك مني وإنا معاشر الأنبياء لا نورث وما تركناه صدقة كان الحكم في ذلك معلقا بها فكيف يصح في العادات أن تنسى شيئا يخصها فرض العلم به ويصدق حاجتها إليه حتى يذهب عنها علمه وتبرز للحاجة ويقال لها إن أباك قال إنه لا يورث ولا تذكر مع وصيته إن كان وصاها حتى تحاجهم بقول الله تعالى (وورث سليمان داود) وقوله تعالى حكاية عن زكريا (يرثني ويرث