واحد، ويمين.. ولكن أبا بكر رد هذا الرأي.. ونزع فدك من تحت يدي فاطمة، واستشار في ذلك عمر فأيده، وتحدثت المدينة عن غضب فاطمة..
فقال عمر لأبي بكر: انطلق بنا إلى فاطمة فإنا قد أغضبناها. فانطلقا جميعا، فاستأذنا على فاطمة، فلم تأذن لهما، فأتيا عليا فكلماه فأدخلهما عليها.
فلما قعدا عندها تكلم أبو بكر فقال: يا حبيبة رسول الله، والله إن قرابة رسول الله أحب إلي من قرابتي، وإنك لأحب إلي من عائشة ابنتي، ولوددت يوم مات أبوك أني مت، ولا أبقى بعده. أفتراني أعرفك وأعرف فضلك وشرفك وأمنعك حقك وميراثك من رسول الله؟ إلا أني سمعت أباك رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
نحن معاشر الأنبياء لا نورث ذهبا ولا فضة ولا دارا ولا عقارا، وإنما نورث الكتاب والحكمة والعلم والنبوة. وما تركنا فهو صدقة فقالت فاطمة لأبي بكر وعمر: أرأيتكما إن حدثتكما حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تعرفانه وتعملان به؟ قالا: نعم.
فقالت: نشدتكما الله ألم تسمعا رسول الله يقول: رضا فاطمة من رضاي، وسخط فاطمة من سخطي، فمن أحب فاطمة ابنتي فقد أحبني، ومن أرضى فاطمة ابنتي فقد أرضاني، ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني؟. قالا: نعم سمعناه من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قالت: فإني أشهد الله وملائكته أنكما أسخطتماني وما أرضيتماني، ولئن لقيت النبي لأشكونكما إليه.
فقال أبو بكر: أنا عائذ بالله تعالى من سخطه وسخطك يا فاطمة.
فقالت لأبي بكر: والله لا أكلمك أبدا قال: والله لا أهجرك أبدا. والله ما أجد أعز علي منك فقرا، ولا أحب إلي منك غنى، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنا معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه فهو صدقة.
ثم خرج أبو بكر باكيا ومعه عمر مطرقا، فذهبا إلى المسجد فاجتمعا بالناس فقال أبو بكر: أيها الناس أقيلوني! يبيت كل رجل منكم معانقا حليلته، مسرورا بأهله، وتركتموني وما أنا فيه!.. لا حاجة لي في بيعتكم.