فأنقذكم الله برسوله صلى الله عليه وسلم بعد اللتيا والتي وبعد ما مني ببهم الرجال وذؤبان العرب ومردة أهل الكتاب كلما حشوا نارا للحرب أطفأها ونجم قرن للضلال وفغرت فاغرة من المشركين قذف بأخيه في لهواتها فلا ينكفئ حتى يطأ صماخها بأخمصه ويخمد لهيبها بسيفه مكدودا في ذات الله قريبا من رسول الله، سيدا في أولياء الله، وأنتم في بلهينة وادعون آمنون، حتى إذا اختار الله لنبيه في أنبيائه ظهرت خلة النفاق وسمل جلباب الدين ونطق كاظم الغاوين ونبغ خامل الأقلين وهدر فنيق المبطلين فخطر في عرصاتكم وأطلع الشيطان رأسه من مغرزه، صارخا بكم، فوجدكم لدعائه مستجيبين وللغرة فيه ملاحظين فاستنهضكم فوجدكم خفافا وأحمشكم فألفاكم غضابا، فوسمتم غير إبلكم، وأوردتموها غير شربكم، هذا والعهد قريب والكلم رحيب والجرح لما يندمل...
إلى أن قالت: وأنتم الآن تزعمون أن لا إرث لنا أفحكم الجاهلية تبغون ومن أحسن الله حكما لقوم يوقنون. أيها المسلمة المهاجرة أأبتز إرث أبي؟ أفي الكتاب أن ترث أباك ولا أرث أبي؟ لقد جئت شيئا فريا، فدونكما مخطومة مرحولة تلقاك يوم حشرك، فنعم الحكم الله والزعيم محمد والموعد القيامة وعند الساعة يخسر المبطلون، ولكل نبأ مستقر وسوف تعلمون.
ثم انحرفت إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وهي تقول:
قد كان بعدك أنبأ وهنبثة * لو كنت شاهدهم لم تكثر الخطب إنا فقدناك فقد الأرض وإبلها * واختل قومك فاشهدهم ولا تغب هذه الرواية لخطاب الزهراء، وفي الكتاب نفسه رواية أخرى مخالفة في لفظها ومعناها للرواية السابقة، وقبل إيراد الروايتين قال أبو الفضل: ذكرت لأبي الحسين زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم كلام فاطمة عليها السلام وقلت له إن هؤلاء - يشير إلى قوم زمانه يغضون من قدر آل البيت - يزعمون أنه مصنوع وإنه من كلام أبي العيناء فقال لي: رأيت مشايخ آل أبي طالب