شرح إحقاق الحق - السيد المرعشي - ج ٣٣ - الصفحة ٣٥١
النبيين تندب أباها وتستغيث بأمته ومن هدايتهم إلى شريعته في منع أبي بكر من ظلمها فلا يساعدها أحد ولا يتكلم معها بشر مع قرب العهد برسول الله صلى الله عليه وآله ومع ما يدخل القلوب من الرقة في مثل هذا الفعل إذ ورد من مثلها حتى تحمل الناس أنفسهم على الظلم فضلا عن غيره ثم تخرج عائشة بنت أبي بكر إلى البصرة تحرض الناس على قتالأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلاموقتال من معه من خيار الناس ساعية في سفك دمه ودماء أولاده وأهله وشيعته فتجيبها عشرة ألوف من الناس ويقاتلون أمامها إلى أن هلك أكثرهم بين يديها إن هذا لمن الأمر العجيب.
ومن العجب أن تأتي فاطمة عليها السلام إلى أبي بكر تطالبه بفدك وتذكر أن أباها نحلها إياها فيكذب قولها ويقول لها هذه دعوى لا بينة لها هذا مع إجماع الأمة على طهارتها وعدالتها فتقول له إن لم يثبت عندك أنها نحلة فإنا استحقها ميراثا فيدعي أنه سمع النبي صلى الله عليه وآله يقول نحن معاشر الأنبياء لا نورث وما تركناه صدقة ويلزمها تصديقه فيما ادعاه من هذا الخبر مع اختلاف الناس في طهارته وصدقه وعدالته وهو فيما ادعاه خصم لأنه يريد أن يمنعها حقا جعله الله لها.
ومن العجب أن يقول لها أبو بكر مع علمه بعظم خطرها في الشرف وطهارتها من كل دنس وكونها في مرتبة من لا يتهم ومنزلة من لا يجوز عليه الكذب ايتيني بأحمر أو أسود يشهد لك بها وخذيها يعني فدك فأحضرت إليه أمير المؤمنين والإمامين الحسن والحسين صلوات الله عليهم أجمعين وأم أيمن فلم يقبل شهادتهم واعلها وزعم أنه لا يقبل شهادةالزوجلزوجته ولا الولد لوالده وقال هذه امرأة واحدة يعني أم أيمن هذا مع إجماع المخالف والموالف على أن النبي قال علي مع الحق والحق مع علي اللهم أدر الحق معه حيثما دار وقوله الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا وقوله صلى الله عليه وآله في أم أيمن أنت على خير وإلى خير فرد شهادة الجميع مع تميزهم على الناس ثم لم يمض الأيام حتى أتاه مال البحرين فلما ترك بين يديه تقدم إليه جابر بن عبد الله الأنصاري فقال له: النبي صلى الله عليه وآله قال لي إذا أتى مال البحرين حبوت لك ثم حبوت لك ثلثا فقال له تقدم فخذ بعددها فأخذ ثلاث حفنات من أموال المسلمين بمجرد الدعوى من غير بينة ولا شهادة ويكون أبو بكر عندهم مصيبا في الحالين عادلا في الحكمين إن هذا من الأمر المستطرف البديع.
ومن عجيب أمر المعتزلة إقرارهم بأن أمير المؤمنين عليه السلام أعلم الناس وأزهدهم بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ثم يعلمون أنه أتى مع فاطمة شاهدا لها بصحة ما ادعته من نحلتها فلا يستدلون بذلك على صوابها وظلم مانعها ولا يتسائلون إن أعلم الناس لا يخفى عنه ما يصح من الشهادة وما يبطل وإن أزهد الناس لا يشهد بباطل وإن أمير المؤمنين عليه السلام لو كان لا يعلم أن شهادته بذلك مع من حضره لا يجوز قبولها ولا يؤثر في وجوب الحكم بها وكان أبو بكر