شرح إحقاق الحق - السيد المرعشي - ج ٣٣ - الصفحة ٣٥٢
يعلم ذلك لبطل القول بأنه عليه السلام أعلم الناس بعد النبي صلى الله عليه وآله وإنه لو كان يعلم أن فاطمة عليها السلام تطلب باطلا والتمست محالا وإن شهادته لا تحل في تلك الحال قبولها ولا يسوغ الحكم بها ثم أقدم مع ذلك عليها فشهد لها لكان قد أخطأ متعمدا وفعل ما لا يليق بالزهاد والأتقياء ويظل قولهم إنه عليه السلام أزهد الناس بعد النبي صلى الله عليه وآله ولا ينتبهون بهذا الحال من رقدة الخلال.
ومن عجيب أمرهم اعتقادهم في رد أبي بكر شهادة أمير المؤمنين والحسن والحسين عليهم السلام بقولهم إن هذا بعلها وهذان ابناها وكل منهم يجر إلى نفسه ولا يصح شهادة من له حظ فيما يشهد به ثم يقبلون مع ذلك قول سعيد بن زيد بن نفيل فيما رواه وحده من أن أبا بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وسعدا وسعيدا وعبد الرحمن بن عوف وأبا عبيدة من أهل الجنة ويصدقونه في هذه الدعوى ويحتجون بقوله مع علمهم بأنه أحد من ذكره وله حظ فيما شهد به ولا يردون بذلك قوله ولا يبطلون خبره ويتغطى عليهم إنه لا للزوج من مال زوجته ولا للولد من مال والده إلا ما نحله أباه أو ورثه عنه.
ومن عجيب الأمور وعظيم البدع في الدين أن يشهد رجل بر تقي لم يكن قط بالله مشركا ولا للدين منكرا ولا أكل من حرام سحتا ولا عاقر على خمر نديما ولا ارتكب محرما ولا جرب أحد منه قط كذبا ولا علم منه ذنبا ولا كان في طاعة الله ورسوله مقصرا ولا عن درجات السبق إلى الفضائل متأخرا مع اختصاصه برسول الله نسبا وسببا عند رجل أقام أربعين سنة من عمره كافرا وبالله تعالى مشركا ولما ظهر وبطن من الفواحش مرتكبا ولما ظهر الاسلام لم يعلم أحد أن له فيه أثرا جميلا ولا كفى النبي صلى الله عليه وآله مخوفا بل عن كل فضيلة متأخرا ولعهود الله ناكثا وكان في علمه ضعيفا وإلى غيره فيه فقيرا فيردن شهادته ولا يقبل قوله ويظهر إنه أعرف بالصواب منه هذا والشاهد متفق على طهارته وصدقه وإيمانه والمشهود عنده مخالف في طهارته وصدقه وإيمانه إن هذا مما تنفر منه النفوس السليمة والعقول المستقيمة.
ومن العجب أنهم يدعون على فاطمة البتول سيدة نساء العالمين التي أحضرها النبي صلى الله عليه وآله للمباهلة وشهد لها بالجنة ونزلت فيها آية الطهارة إنها طلبت من أبي بكر باطلا والتمست لنفسها محالا وقالت كذبا ويعتذرون في ذلك بأنها لم تعلم بدين أبيها أنه لا حق لها في ميراثه ولا نصيب لها من تركته وجهلت هذا الأصل في الشرع وعلم أبو بكر أن النساء لا يعلمن ما يعلم الرجال ولا جرت العادة بأن يتفقهن في الأحكام ثم يدعون مع هذا أن النبي قال خذوا ثلث دينكم عن عائشة لا بل خذوا ثلثي دينكم عن عائشة لا بل خذوا كل دينكم عن عائشة فتحفظ عائشة جميع الدين وتجهل فاطمة في مسألة واحدة مختصة بها في الدين إن هذا لشئ