ولكنه مدفوع: بأن العقل لا يحكم بحرمة مخالفة العلم الإجمالي إلا إذا استلزم مخالفة خطاب تفصيلي، كما في الشبهات الموضوعية على ما هو المختار، ومخالفة العلم الإجمالي الحاصل من إعمال الأصلين فيما نحن فيه لا يستلزم مخالفة خطاب تفصيلي، إذ المراد من الخطاب التفصيلي تعلق الأمر، أو النهي بعنوان خاص، كاجتنب عن النجس والحرام في الشبهات الموضوعية، وليس فيما نحن فيه تعلق خطاب بعنوان النفسية أو الغيرية بالخصوص، وإنما هو بالانتزاع.
فظهر من ذلك أن ليس في الشبهات الحكمية خطاب تفصيلي أبدا، فيجوز فيها مخالفة العلم الإجمالي بإجراء البراءة عن غيرية المشكوك الموجبة لعدم وجوب إتيانه في أول الوقت، وبإجراء البراءة عن نفسيته الموجبة لعدم وجوب إتيانه في آخر أوقات الإمكان المظنون فيه الموت.
وأما المشكوك في القسم الثاني: أعني معلوم الوجوب نفسا ومشكوك الغيرية باعتبار زائد وعدمه، فيحمل على عدم الغيرية، بناء على القول بالأعم لأصالة الإطلاق وعدم التقييد.
وأما بناء على القول بالصحيح، فيبنى فيه على الغيرية أيضا، بناء على القول بالاحتياط في مسألة الشك في الشرطية، وعلى العدم بناء على القول بالبراءة فيها، كما هو المختار.
وأما المشكوك في القسم الثالث: أعني معلوم الوجوب غيرا ومشكوك النفسية وعدمه، فيبنى فيه على العدم سواء فيه القول بالصحيح والأعم، لمجرى البراءة عند الشك في التكليف إلا عند بعض الأخبارية البانين على الاحتياط في صورة الدوران بين الوجوب وعدمه.
ومنها: ترتب الفرق والثمرة الحكمية بين قولي الصحيح والأعم في بعض صور المشكوك كونه شرطا علميا، أو واقعيا، حيث إن الشرطية إن ثبتت بالدليل اللبي اقتصر فيه على الشرطية حال العلم، بناء على القول بالأعم، لأصالة الإطلاق وعدم التقييد بأزيد من حال العلم.
وأما على القول بالصحيح، فإن قلنا بلزوم الاحتياط في مسألة الشك في