وكيف كان، فالتصرف في تلك الأمثلة وقع في المادة لا الهيئة، ومحل البحث هو الثانية.
هذا، مع أن دليله يقتضي نقيض مدعاه، إذ لا ريب أنه على تقدير الوضع للقدر المشترك لا بد من نصب قرينة مفهمة لإرادة خصوص من انقضى عنه المبدأ، كما فرض التجرد عن القرينة في تلك الحال، فعدم نصب القرينة - حينئذ على ما قرره - يقتضي الوضع لخصوص الماضي، وهو كما ترى.
حجة القول باعتبار البقاء في المشتقات المأخوذة على سبيل اللزوم دون غيرها، التبادر الحاصل بملاحظة استقراء موارد الاستعمالات الجارية بين العرف، فإن المتبادر من مثل: الحسن والقبيح والأبيض والأسود، وأمثالها، كالنائم والمستيقظ، هو المتلبس بتلك المبادئ في حال النسبة، فيكون إطلاقها على غيره مجازا، بخلاف مثل القائل والضارب والمضروب، والمهدي إليه، والممرور به، وأمثال ذلك، فإن المتبادر منها الأعم الشامل للماضي أيضا، فهذان التبادران يكشفان عن أن هذه الهيئات لها وضعان نوعيان بالنسبة إلى تلك الطائفتين من المواد، وان كانت الصيغة واحدة، والموضوع في أحدهما هو الأول، وفي الثاني هو الثاني.
وجوابه: قد علم مما حققنا سابقا، من تبادر المتلبس بالمبدأ حال النسبة مطلقا، مع قطع النظر عن الخصوصيات الخارجية، وصحة سلب المشتق عمن انقضى عنه المبدأ كذلك.
ولعل منشأ اشتباه الأمر على المستدل أنه كثيرا يطلقون المشتقات على الذوات في الحال، بمعنى أن ظرف النسبة حال النطق مع مضي المبدأ عنه حينئذ، كما في موارد النداء بتلك العناوين، كأن تدعو زيدا بقولك: يا ضارب عمرو، ويا مضروب بشر، ويا قاتل بكر، ومنه قولك في مقام السؤال من أحد المعصومين عليهم السلام، كنداء علي عليه السلام بقولك: يا قالع الباب، يا هازم الأحزاب، ويا بائتا على فراش رسول الله صلى الله عليه وآله، ومنه قولك في مقام نداء الحسين عليه السلام تندبا: يا قتيلا بكربلاء، ويا مسلوب العمامة والرداء،