المقدمة الثانية: في تصويرات كل من قولي الصحيح والأعم، وتشخيص المراد منها في محل النزاع.
فنقول:
أما القول بالصحيح بالمعنى الأخص فيتصور على وجوه:
أحدها: إرادة الماهية المستجمعة لجميع الأجزاء المعتبرة فيها من غير اعتبار للشرائط.
ثانيها: إرادة الصحة الواقعية المستجمعة لجميع الأجزاء والشرائط العلمية والواقعية المعتبرة في حق المختار القادر العالم به.
ثالثها: إرادة كل فرد من أفراد الصحة الواقعية المستجمعة لجميع الأجزاء والشروط الواقعية المختلفة بحسب اختلاف حال المكلفين في الصحة والمرض، والحضور والمسافرة، والعلم والجهل، والتمكن وعدمه.
رابعها: إرادة القدر الجامع بين أفراد تلك الصحة المختلفة بحسب اختلاف حال المكلفين.
أما الوجه الأول:
فقد زعم المحقق البهبهاني () انحصار مراد الصحيحيين فيه على ما حكي عن ظاهر كلامه.
ولكنه مدفوع بوجوه:
الأول: استدلال الصحيحيين طرا بحديث (لا صلاة إلا بطهور، ولا صلاة إلا إلى القبلة) ونحوهما، ولو لم يكن المراد من الصحة تام الأجزاء والشرائط لما صح استدلالهم على التسمية لها بنفي الاسم عند انتفاء الشرط في الحديث.
الثاني: تصريحهم في بحث المجمل والمبين على أن حديث (لا صلاة إلا بطهور) عرفية خاصة في نفي الصحة على قول الصحيحي، ومجاز لغوي فيه على قول الأعمي، ولو لا أن المراد من الصحة هو تام الأجزاء والشرائط لما صح نفي الصحة حقيقة بواسطة انتفاء الشرط.