وهكذا، وسيجئ دفع هذا التوهم، وبيان أن المستعمل فيه اللفظ في كافة تلك الأمثلة إنما هو الذات باعتبار حال التلبس.
وأما القول السادس: أعني إيكال كل لفظ من الألفاظ إلى فهم العرف.
والمتبادر منه عندهم، فلم ينقل عنه فيما رأيت حجة، ولازمه التزام شخصية أوضاع المشتقات، بأن يكون كل هيئة من هيئاتها مع كل مادة لها وضع مستقل، وإلا لم يعقل إيكال كل لفظ، ولعله [لا] قائل بهذا، وقد عرفت ظهور الاتفاق، بل الاتفاق على عدمه.
تنبيهات الأول:
قد حققنا وضع المشتق للمتلبس بالمبدأ، وأن إطلاقه إنما يكون حقيقة إذا كان باعتبار حال التلبس، فيكون إطلاقه على من انقضى عنه المبدأ، كإطلاقه على من لم يتلبس به بعد مجازا.
لكن ربما يستشكل بإطلاقه على من انقضى عنه المبدأ كثيرا - غاية الكثرة - بحيث يبعد كون تلك الإطلاقات بأسرها مجازية، كما في موارد النداء، أي موارد وقوع المشتق منادى، وفي موارد وقوعه معرفا للذات، كقولك: هذا قاتل عمرو، أو هو ضارب بكر، وأنت معطي المال، وأمثال ذلك، وفي موارد الاستفهام، كقولك: أأنت ضارب زيد؟ أو معطي عمرو درهما؟ ونحوهما، إذ لا يخفى أن حال النسبة في تلك الأمثلة إنما هو حال النطق، مع أن حال التلبس قبل ذلك، لانقضاء المبدأ عن الذوات المطلق عليها المشتق في تلك الموارد جدا.
لكنه مدفوع: بأن المشتق في تلك الموارد غالبا لم يطلق إلا على المتلبس بالمبدأ، لا المنقضي عنه المبدأ.
أما في موارد النداء، فلا يخفى أن المقصود بالنداء هو الشخص المتلبس بالمبدأ، لا المجرد عنه، وأن اللفظ قد أطلق عليه باعتبار حال التلبس، إلا أنه لما علم من الخارج اتحاد هذا الشخص المجرد الآن عن المبدأ للمتلبس به من قبل، الذي هو المقصود بالنداء، فيصير هذا منشأ لتوهم إطلاقه على هذا الشخص الموجود الآن، فيقال: إنه أطلق على من انقضى عنه المبدأ، مثلا قولنا: (يا قالع الباب، ويا