حجيته مدار حجية الظن بالأحكام الشرعية، بل هو في الحقيقة ليس مرجحا للحالة المرجوحة أيضا، إذ المفروض عدم إفادة الظن بها.
وأما القسم الثاني: ففيه وجهان، بل وجوه:
الأول: تقديم الحالة المرجوحة، والبناء على ما يقتضيه إلحاقا لما نحن فيه بصورة التعارض بين وجوه الترجيح في الاخبار، حيث إن العمل هناك على المرجح الشخصي عند التعارض بينه وبين المرجح النوعي، ولقيام الإجماع على العمل بأقوى الدليلين.
الثاني: التوقف، وهذا مبني على القول باعتبار الظواهر اللفظية في صورة الظن بالخلاف.
الثالث: عدم الاعتداد به، وفرضه كأن لم يكن، والأخذ بالحالة الراجحة، نظرا إلى أن العمل بالظواهر اللفظية، سواء كانت من جهة الوضع، أو من جهة المرجحات النوعية، انما هو باعتبار كونها ظنا نوعيا بالمعنى الأعم، بحيث يؤخذ بها عرفا ما لم يقترن اللفظ بما يصلح أن يكون صارفا عن هذا الظهور.
ولا يخفى أن مثل هذا المرجح الشخصي، لا يصلح لكونه قرينة صارفة للفظ حتى يوجب إجماله، لأن اللفظ أيضا بسبب المرجح النوعي من الظواهر العرفية في المعنى المطابق له، ولم يقم دليل على اعتبار الظن الحاصل منه، بملاحظة المتكلم الحالة المرجوحة حتى يقدم على المرجح النوعي.
أولى الوجوه أخيرها لضعف الوجهين الأولين.
أما الأول منهما، فلأن قياس ما نحن فيه بالأخبار قياس محض، وأما الإجماع المذكور، فلأن معقده إنما هو الأقوائية من حيث الدليلية، والمفروض أن المرجح الشخصي لا يوجب ظهور اللفظ في المعنى المطابق له حتى يصير اللفظ بسببه أقوى دلالة على المعنى المذكور من دلالته، أو دلالة اللفظ الآخر على المعنى الآخر على المعنى المطابق للترجيح النوعي، فيكون داخلا في معقد الإجماع، أما الثاني فلفساد مبناه.
الأمر الثاني:
أنه قد يقع التعارض والدوران بين حالات لم يتعرض القوم لبيانها، ولعله لوضوح حكمها بملاحظة ما ذكروا في الأحوال السبعة المعروفة المتقدمة من وجه الترجيح، والتوقف، وهي أي الحالات المشار إليها الكناية، والتعريض، والسخرية، والاستهزاء والتلويح وغيرها من الوجوه البديعية، التي ليست من المداليل المطابقية للفظ، والظاهر أن التقية والإرشاد، والامتحان، وغيرها، من جهات صدور