وأما الحكم بترتيب جواز اجتماع الأمر والنهي على الإطلاق المبتني على القول بالأعم فممنوع، وذلك لعدم الخلاف ظاهرا في وجود المقتضي لجواز الاجتماع من الإطلاق على القول بالأعم، ومن الأصل على القول بالصحيح، وإنما الخلاف في وجود المانع العقلي من امتناع تعلق الطلب بالطبيعة وعدمه، حسبما يأتي تفصيله، وإذا ثبت المانع العقلي فلا يترتب على وجود المقتضي أثر، سواء كان المقتضي هو الإطلاق أو غيره.
هذا كله في الثمرات الحكمية المبتنية على الفرق الموضوعي، وهو الإجمال والإطلاق المترتبان على قولي الصحيح والأعم، من حيث الأجزاء والشروط، ومنها يعلم حال ما يترتب على قولي الصحيح والأعم من حيث الشروط، لا الأجزاء من ترتب الإجمال والإطلاق بالنسبة إلى الشروط لا الأجزاء المبتني عليهما جميع الثمرات الحكمية بالنسبة إلى الشروط، لا الأجزاء.
هذا كله مما لا إشكال فيه، إنما الإشكال في التعبير المائز بين مصداق الشرط عن مصداق الجزء من كلام الشارع، وإن علم من الخارج تحديد الشرط بما كان خارجا عن ماهية المشروط، والجزء بما كان داخلا فيه، إلا أنه لم يحصل من التعبيرات الواردة في ألفاظ الكتاب والسنة ما يفيد امتياز الشرطية عن الجزئية إلا من الخارج، حيث إنه كثيرا ما يعبر عن الشرطية والجزئية بتعبير واحد، كما في قوله عليه السلام (لا صلاة إلا بطهور) () و (لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب) () بل قد يعبر عن الجزء بما يقتضي الشرط، وعن الشرط بما يقتضي الجزء، إذ كما يمكن أن يقال: يجب الطمأنينة في القيام بعد الركوع، يمكن أن يقال: يجب المقدار الزائد عن تحقق طبيعة القيام بعد الركوع، فانحصر سبيل الامتياز بينهما في الخارج عن التعبير والثمرات المتوقفة على الامتياز، من جريان قاعدة الفراغ عند الشك، وغير ذلك مما لا يخفى.