وقد يكون ثانويا، والمجاز أيضا قد يكون في لفظ العام، أو في لفظ آخر، في خطاب، أو في خطابين، وقد يضاف إليها كونه شائعا، كالأمر في الندب أو غير شائع، وليس بجيد، لأن الكلام هنا مع قطع النظر عن خصوصيات المجاز والتخصيص.
ومن هنا يظهر، أن تقسيم التخصيص إلى قريب وبعيد ليس في محله، ففي المسألة صور:
منها: الدوران بين التخصيص الابتدائي وبين المجاز في لفظ واحد، سواء اتحد الحكم، كما في الآية السابقة - أعني قوله تعالى: (اقتلوا المشركين) ()، أو اختلف، كما إذا ورد (أكرم الشعراء) وعلم عدم وجوب إكرام بعضهم كالجهال على تقدير كون المراد بالشعراء معناه المعروف، ووجوب إكرام جميعهم على تقدير كون المراد به العلماء مجازا.
ويظهر الثمرة في العلماء الغير الشعراء، فعلى الأول لا يجب إكرامهم، وعلى الثاني يجب.
وكيف كان، فالأظهر رجحان التخصيص على المجاز، لغلبته حتى قيل: إنه ما من عام إلا وقد خص، وربما يعارض هذا بما ادعاه ابن جني من أغلبية المجازات.
وفيه: بعد المنع من تحقق تلك الغلبة، أن المراد بها غلبة المجاز بالمعنى الأعم، الشامل للتخصيص أيضا قبال الحقيقة، فلا تعارض. سلمنا أن مراده غلبة المجاز المقابل للتخصيص، لكن نقول: إن غير واحد من العلماء صرحوا بغلبة الحقائق، فيتعارض النقلان، أي نقلي الغلبة، لكن الترجيح لما ذهب إليه المعظم من غلبة الحقائق، سلمنا، لكنهما متعارضان، فيبقى غلبة التخصيص سليمة عن المعارض، فيرجح التخصيص على المجاز.
وكيف كان، فغلبة التخصيص في العمومات توجب رجحانه على المجاز، مضافا إلى غلبة إرادة الحقيقة التي غير العموم، فإنها تقتضي بقاء مادة (الشعراء) مثلا على حقيقتها، فهي بانضمام غلبة التخصيص في العموم ترجح إرادة الحقيقة من المادة، ويخصص العام.
هذا، مضافا إلى أن النسبة بين العموم وغيره من الظواهر، من نسبة الأصل إلى الدليل، فلذا يعد العموم كالإطلاق من الأصول في مقابل المخصص والمقيد.